لافرق بين مشركي قريش الذين عبدوا الأصنام من دون الله، لاعتقادهم أنها تقوم بدور الوسيط وتقربهم إلى الله زلفى، وبين مجاهدي تنظيم القاعدة الإرهابي ومن يسمون أنفسهم أنصار الشريعة الذين أحلوا بجهلهم قتل النفس التي حرم الله، معتقدين أيضاً أنهم بهذه الجرائم المنكرة وسفكهم دماء المسلمين إنما يتقربون إلى الله زلفى.. وفوق أشلاء ضحاياهم الأبرياء يشقون طريقهم بسلام نحو الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين. نعم لافرق أبداً بين من عبد صنماً صنعه بيده، مصدقاً أن هذا الحجر الأصم لديه علاقة قوية مع السماء تؤهله ليلعب دور الوسيط الذي لاترد وساطته, وبين من أحل لنفسه ماحرم الله وأباح قتل المسلمين والتنكيل بهم وهتك أعراضهم وتخريب أوطانهم، مصدقاً أن كل هذه الجرائم اللاإنسانية جهاد في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وأن قتل المسلمين من أفضل الطاعات التي يتقرب بها إلى الله.. وأن الجنة لاتفتح بالطاعات وعمل الصالحات وإنما بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وسفك دماء الأبرياء بغير وجه حق.. فكلاهما ضلا الطريق المستقيم واتبعوا خطوات الشيطان الذي زين لهم قبح أفعالهم وأراهم سيئاتهم حسنات.. ومضوا في غيهم وضلالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. نعم أيها السادة.. إن نحن أقررنا أن عبادة الأصنام نوع من الطاعات التي تقرب إلى الله زلفى، كما كان يعتقد مشركو قريش وغيرهم من الوثنيين، فإن علينا أن نقر أيضاً أن جرائم تنظيم القاعدة وقتلهم للمسلمين وتخريب الأوطان هو جهاد في سبيل الله ومن الأمور الواجب القيام بها للتقرب إلى الله وأن أفضل الطرق وأقصرها إلى الجنة هي تلك العمليات الانتحارية التي ينفذها أعضاء تنظيم القاعدة الإرهابي ويروح ضحيتها مئات القتلى والجرحى من المسلمين.. نعم إن كانت عبادة الأصنام تقرب إلى الله، فإن قتل المسلمين جهاد في سبيل الله؟! والحقيقة أن مذبحة السبعين التي أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها هي نتاج لهذا الاعتقاد الخاطئ والمفهوم المغلوط للجهاد والمعشعش في رؤوس هؤلاء الوحوش الآدميين الذين تم ترويضهم على يد علماء الفتنة وخطباء الضلال لتشويه الدين الإسلامي الحنيف وخلق التناحر بين المسلمين وتدمير أوطانهم وهي حصيلة طبيعية جداً لدعوات التحريض وفتاوى الجهاد التي يطلقها علماء تنظيم القاعدة الإرهابي خدمة لأهداف الصهيونية والماسونية العالمية فمثل تلك الجريمة المروعة لايمكن أن يرتكبها رجل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر وفي قلبه ذرة من دين أو ضمير.. والمؤسف أن يحاول البعض استغلال هذه الكارثة التي أدمت قلوب اليمنيين لأغراض حزبية وسياسية وكأن لاهم لهم إلا تحقيق مكاسب سياسية وشخصية بدلاً من اعتبار هذه المجزرة التي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبناء الوطن، نهاية الصراع السياسي والحزبي وبداية التلاحم الوطني لمنع تكرارها وحماية الوطن والشعب من هؤلاء القتلة الإرهابيين قبل أن يستفحل خطرهم أكثر وأكثر.. وعلى علماء الدين المسلمين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويقولوا كلمة حق يصونون بها دماء المسلمين إن كانوا يعتبرون الشعب اليمني شعباً مسلماً. أما إن كانوا يعتبرون جرائم تنظيم القاعدة جهاداً في سبيل الله ووسيلة لدخول الجنة، فليس لنا إلا أن نتبرأ إلى الله تعالى من علمائنا وندعوه أن يحكم بيننا وبينهم بالحق وهو خير الحاكمين. ورحم الله شهداء ميدان السبعين وأبين وغيرها من المناطق، ولارحم المجرمين القتلة والمتواطئين معهم.