الآن وفي ظل متابعتنا لمجريات ونتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية التي أعادت الثورة الى المربع الأول ومواجهة العسكر وفلول نظام مبارك بعد صعود احمد شفيق لمنافسة مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي في جولة الإعادة على منصب الرئيس ،في ظل التحركات السياسية والطعون القضائية لمرشحي الرئاسة التي قد تطيح بحلم الفلول بالعودة لحكم مصر من خلال إخراج شفيق من التنافس بطرق قانونية ... بلا شك كان الصعود اللامتوقع للمرشح أحمد شفيق على حساب مرشحي الثورة حمدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح اللذين رجحت كافة الاستطلاعات منافسة احدهما لمرشح الإخوان محمد مرسي على المنصب ، حد اللحظة لم تحسم لجنة الانتخابات أمرها بالإعلان عن طرفي المنافسة بشكل رسمي حد اللحظة،وما قد تترتب عنه الطعون المقدمة من قبل حملات صباحي وموسى ... ولأن صعود شفيق بطريقة مفاجئة لمعطيات وطبيعة التنافس في الواقع المصري ، يُرجع محللون صعود شفيق الى انقسام الناخبين من جمهور الثورة بين صباحي وابوالفتوح من جهة وبينهم وبين مرسي من جهة أخرى ،ما أتاح للمرشح شفيق تجاوز صباحي وأبو الفتوح وصولا الى جولة الإعادة .. بلا شك يستدعي شراسة ومفارقات التنافس الانتخابي المصري تنبه تكتلات شباب وقوى الثورة في بلدان الربيع العربي وتحديدا بلادنا التي تتابع كافة القوى السياسية وتكتلاتها مجريات الانتخابات المصرية باهتمام ليس لكونها ثاني تجربة ديمقراطية بعد تجربة تونس في دول الربيع العربي ، بل لأن مصر وانتخاباتها بوصلة ستحدد ملامح المستقبل في المنطقة وأي انتكاسة في الجولة النهائية من هذه الانتخابات ستلقي بظلالها على الثورة العربية المستمرة ضد انظمة القهر والاستبداد ،كما أن واقعنا السياسي يتأثر بالواقع المصري سلبا وإيجابا ... لهذا وغيره ،على شباب ومكونات ثورتنا السلمية الاستفاده القصوى من درس الانتخابات المصرية التي افرزت نتائج المرحلة الأولى منها مخاوف عديدة تهدد نضالات وتضحيات شعوب دول الربيع العربي ومنها اليمن التي يتوقع ان تمر بنفس المأزق الثوري والسياسي المصري ،حينها فقط لا ينفع لملمة القوى الثورية لمواجهة المشاريع الاستبدادية المدعومة اقليميا ودوليا ... وقبل وصولنا الى هذه النهاية على الرغم من اختلاف واقعنا عن الواقع المصري الذي اصابته لعنة العسكر ، علينا الاعتراف بمخاطر وانعكاسات صعود المرشح احمد شفيق للمنافسة في الجولة الثانية للانتخابات المصرية على إرداة وخيارات ثوار مصر ،بل على الحلم الثوري العربي الذي تحيق مخاطر اجندات القوى الإقليمية والدولية التي تسعى جاهدة لوأد خيارات الشعوب العربية ومنها اليمنيون بالحرية والكرامة والديمقراطية .. من ارض الكنانة دق جرس الإنذار في مسامع القوى الثورية بعودة الماضي الاستبدادي بلدان الربيع العربي ومنها اليمن التي اصم هذا الجرس مسامع قوى وتكتلات ثورتنا السلمية ،وهذا ما يجعلها أن تبادر للنجاة بالثورة والوطن قبلما يغرقها طوفان بقايا النظام السابق الذين يرتبون اوراقهم لاستعادة السلطة بأي شكل ،وواقع البلد مفتوح على كل السيناريوهات .. اذا استشعرت القوى السياسية والثورية مآلات راهن وقادم المخاطر على مستقبل الثورة ،يفترض بهذه القوى والتكتلات المسارعة لترميم جروحها وتسوية خلافتها وترسيخ الثقة بين جميع الأطراف تمهيدا لتوحيد الصف الثوري والاتفاق على قائمة اولويات ثورية سياسية تضم مطالب القوى وتطلعات الثورية لشباب الثورة السلمية .. المخاوف والانعكاسات كثيرة المآلات مخيفة في حال تصلب المواقف المتباعدة بين شباب وقوى ثورتنا السلمية ،لذا تستدعي الضرورة الوطنية إعادة النظر في قضايا خلافية كثيرة تزيد من الشرخ الراهن وتبعات التخندق حول شعارات جوفاء تشكل بيئة خصبة لمزيد من التشتت ،ومع هذا ، ما زال في الإمكان لشباب وقوى ثورتنا السلمية اعلان مصالحة وطنية حقيقة تعيد توحيد صفوف الثوار مجدداً وترتيب أولويات المرحلة مع بقية الاطراف خارج الثورة تؤسس لمستقبل افضل يقوم على اسس الشراكة الوطنية بين القوى السياسية والثورية في الداخل والخارج ،وبدون ذلك لن تتجاوز البلاد وضعها المخيف والغامض .. اتمنى أن تُغلب جميع القوى السياسية والتكتلات الثورية مصلحة الوطن على اي مصالح آنية بهدف انجاح ثورتنا السلمية المباركة،واعتقد بأن رسالة الانتخابات المصرية ستصل الى وعى الجميع ،ومن المنتظر مبادرة الكل لتجاوز مرحلة الانقسامات اللاوطنية والتوقف عن تكرار تجارب الصراعات المريرة التي نتكبد ويلاتها حد اليوم ،وعلى عكس مبررات الصراع العدمي المحتدم في هذه الايام في البلاد ،بمقدرنا انقاذ الوطن والنهوض به في شتى الميادين للعبور الى مستقبل آمن ومستقر ينشده الجميع بعيدا مشاريع الارتهان والوصاية .