السجون في كل بلاد العالم تمثل محاضن وإصلاحيات للتهذيب قبل أن تكون عقاباً ، ولهذا فهي تخضع لبرامج تربية وإصلاح وتشجيع مستمر على التخلي عن نوازع الجريمة ..وهناك حوافز للالتزام والاستجابة للبرامج الإصلاحية... ويعفى بعض المساجين عن نصف فترة السجن لحسن السيرة والسلوك بما يعني أن هناك برامج ومراقبة واهتماماً ورعاية إلى جانب العقاب القانوني والضبط والربط والناحية الأمنية ليخرج كثير من المساجين مواطنين صالحين.. هذا في البلدان التي تحظى بدول ومؤسسات ومسؤولين يخافون الله ويحرصون على الشعب كما يحرصون على أولادهم؟.. الزائر للسجون اليمنية يخرج بنتيجة أنها مصانع لإنتاج الجريمة وتفريخ المجرمين ...يدخل المواطن الى السجن عادي ويخرج (ملون) بكل ألوان النوازع السوداء والإحباط والحقد على المجتمع ..من الغباء والسذاجة أن نطمع بشيء جميل من السجن ونحن عاجزين عن تحقيق ذلك في المدارس وبالسبورة والقلم بينما نفلح في تدريس الغش والكذب والرشوة من أجل النجاح ومن (ألفين يارعوي)؟؟! ... أعتقد أن سجن تعز نموذج سيء للسجون اليمنية وزاد أن دخلت علينا ظاهرة الهروب المتكرر من السجن وهو أمر عاكس لغياب الدولة إدارة وقضاء وكتطور لحالة العفن العام الذي نعيشه في مؤسسات ما يسمى الدولة أوقل في نفوس الكثير من المسؤولين ، إضافة إلى الظرف الأسود بأطرافه الجريحة التي تحمل ثأراً على الوطن وتحاول تخريب كل شيء وإثارة ما يمكن من فوضى وقلاقل انتقاماً من الشعب الذي يسعى جاهداً الى إنقاذ ذاته الجمعية من الوحل الذي وضع فيه ... وإذا كانت هذه القوى المعتمة قد خسرت ولم تفلح في إثارة حرب أهلية وفتن داخلية في اليمن و تعز تحديداً كنتيجة لوعي أهلها واصطفافهم أمام الجريمة وإرادة الفتنة والتخريب فإن السجن خير مكان لتحقيق رغباتهم او جزء منها خاصة إذا صح خبر أن العملية الأخيرة كانت تستهدف تهريب كل السجناء وهو ماينقلها إلى دائرة الجريمة السياسية التي تستهدف المحافظة ومن بعدها اليمن ، وبغض النظر عن دقة هذه المعلومات فإن هذا لا يبرر التقصير أو أن نضع الظرف كشماعة يعلق عليها المسؤولون أخطاءهم وخطاياهم ، فلولا الفساد وخراب الذمة والضمير وانعدام المسؤولية الوطنية والتقصير ما استطاع مدبرو عملية الهروب أن يدخلوا أسلحة بكمية كبيرة وذخائر من البوابة الرئيسية ليسيل الدم ويسقط قتلى وفرار... لولا تحول السجن من زماااان إلى مشروع استثماري يثرى منه عديمو الشرف على حساب الوطن والمواطن. الفساد والتقصير مسؤول بصورة مباشرة عن هذا الحادث وما أسفر عنه ... والأصل أن يخضع الوضع لعملية تقييم مكثفة وخطة عاجلة وطويلة لتلافي التكرار وإصلاح الفساد داخل السجن وطرد الصورة غير الإنسانية فيه وتحويله إلى إصلاحية مثل عباد الله في كل الدنيا بتدابير أمنية واجتماعية وثقافية وإصلاحية .... لكن يبدو أن لا أحد فارغ ليسمع أو يعمل فالجميع مشغول (بالهروب ) من المسؤولية وتسجيلها ضد مجهول .. لنكن أمام هروب مزدوج هروب السجناء والمجرمين من السجن وهروب المسؤولين من المسؤولية وهذا يجعلنا غداً أمام تكرار حادثة مشابهة مدير جديد وهروب مزدوج للسجناء والمسؤولين معاً ..يبدو أن المسؤولين الذين يحبون وطنهم لم يولدوا بعد .