تحيلك المجموعة الشعرية الفائزة بجائزة رئيس الجمهورية الموسومة ب «مدن الشمع»للقاص هايل المذابي إلى الحضور الطاغي للشمع ليس في المدن اليمنية فقط بل في القرى والعزل وكافة المناطق والأصقاع والتخوم شبراً شبراً لبلد لن يحتفل مع العالم باليوم العالمي للشعر فيما لو قررت الأوساط الدولية إحياء يوم عالمي للشمع لأننا في اليمن من بين بقية الخلق فوق الأرض صارت كل أيامنا منذورة للشمع الذي يبقى في منازل مشتعلا في النهار أيضاً نتيجة لشكل وظروف بناء بعض المنازل اليمنية التي قد تكون بلا نوافذ أو بدرومية لا ينفذ إليها ضوء النهار .. ذلك الضوء الرباني الذي لا يتأثر بخبطة أو ضربة ولا يستحكم به حزب او جماعة أو فرد أو قبيلة أو نظام مهما كانت قوته وجبروته فوق الأرض وما عدا ذلك فلا جدبد تحت الشمع أو فوق الذبائل المشتعلة ليلاً في ملايين المنازل داخل « اليمن السعير» الغارق في ظلام الخبطة العصماء ولغزها المحير والصعب، لقد غدا الشعب اليمني الشعب الأول في العالم إشعالاً للشموع التي تشتعل في بلدان العالم كله في مناسبات كأعياد الميلاد وذكرى الزواج وعيد الفصح والعجم والبكم لدقائق فقط يتم إطفاؤها بطرق رومنسية وتصفيق بينما تشتعل في اليمن لساعات طويلة وربما أيام وأشهر من المفترض أن تجعلنا من أكثر الشعوب رومنسية ورقة وأناقة ورُقياً وأحاسيس لأننا نشعل كل مساء آلاف الأطنان من الشموع بدءاً من وقت المغسق في المغرب ولا ينتهي ببزوغ الشمس بالمقارنة مع شعوب لا تتذكر الشمع سوى في دقائق معدودة في الستة لنشعل نحن في يوم واحد للاحتفال بجميع أعياد شعوب الأرض وبتاريخ ميلاد البشرية منذ آدم حتى يوم القيامة غبش أو زرقه كما تقول أمي التي تناشدني الآن وعلى ضوء الشمعة الأخيرة لحظة كتابة هذا بالخروج لشراء الشمع فآخر شمعة تقارب على النفاد يا جناة شمع وحتى وأنا أكتب عن الشمع في بلادي التي يسيل منها الشمع المذاب من كل الأنحاء ليلتقي في السائلة الجنوبية لليمن ويصب في البحر العربي وقد يتجمد فوق سطح البحر، الأمر الذي ينذر بحدوث كارثة للصيادين ولن يكون بمقدروهم صيد الأسماك وتوفير احتياجات عوائلهم فليس لديهم مصدر آخر للرزق ويا لحياتنا التي صارت شمعاً في شمع فوق اليابسة والماء يا أسفاه على الأشقاء الصوماليين القادمين عبر البحر الأبيض المتجمد فالمعروف أنهم يمتلكون قدرات خارقة في قطع المسافات البحرية والبرية وأما الشمعية فليس لدي معلومات تفيد بذلك ويحيا الشمع إن استطاع توقيف الوريات عن الزحف على جغرافية مبوبوءة بمشاكل تفوق مساحتها يُسجن فيها شعب مخبوط وقيادة وساسة بعقول مضروبة الفيوز .. شعب لا يملك نافذة للجوء من اللجوء الصومالي ومن صومالية الليالي الحالكة التي تحوّل تحت جنحها المثل الشهير إلى «يا راقدة في الغدرا محد يقلش ياسين»