اللهم إني أبرأ إليك مما يقوم به قومي من أعمال تتناقض مع ما جاء به كتابك. لقد كرمت قومي بإنزال آخر كتبك بلغتهم وحملتهم مسئولية إبلاغه لغيرهم. لكنهم في الوقت الحاضر رفضوا هذا التكريم و تخلوا عن هذه المسئولية. لقد جهلوا قدر كتابك الذي أنزلته بالحق، وبالتالي لا ريب فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و من ثم فإنه ينبغي أن لا يكون في صدورهم حرج منه. لقد أقسمت عدداً من المرات بأنه كتاب حكيم وأن آياته قد أحكمت ثم فصلت من لدن حكيم خبير وأن آياته بينات، فقد نزل بلغة عربية لقوم يعقلون لكن أكثرهم لا يؤمنون. إنه كتاب قيم ليس فيه أي اعوجاج. إنه يؤدي إلى السعادة وليس إلى الشقاء ومع ذلك فإنهم لا يستمعونه إلا وهم يلعبون، لاهية قلوبهم فلم يؤمن بعضهم، فهم لا يخشعون في صلاتهم ويمارسون اللغة ويقبضون أيديهم عن الزكاة ولا يتعففون ولا يراعون أماناتهم وعهدهم. رغم أنه أخرج العالم من الظلمات، وهو الفرقان، فقد اتخذوه مهجورا. ورغم أن العلم والتاريخ قد أثبت صدقه من خلال ما قصه من أخبار الأولين وما تضمنه من عبر للآخرين فلم يلتفتوا إليه. إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين. لقد اهتموا بالشعر أكثر من اهتمامهم به، رغم أن معظم الشعر يجعلهم في كل وادٍ يهيمون. وقد هجروه إلى لهو الحديث غير آسفين. إذا يتلى عليهم يولون مستكبرين كأن لم يسمعوه كأن في آذانهم وقرا. لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله. إنه في أم الكتاب لعلي حكيم. لقد يسرته للذكر، لأنك أنت الذي تعلمه وتحفظه وتبينه. إنه ميسر لأن يفهمه الأمي والمتعلم والعربي وغير العربي. لكنهم ياربي قد قالوا لا يفهمه إلا نحن العرب، لأننا لا نفتن أما غيرنا فيمكن أن يفتن لكنهم في الواقع يفتنون في كل عام مرة أو مرتين. فكل من اهتم به ما افتتن لأنه هدى و رحمة للمحسنين. لأنه أنزل بعلم من يعلم السر في السموات و الأرض و يعلم ما يلج في الأرض و ما يخرج منها و ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها. لقد أنزل من أجل أن يعبد الناس كل الناس الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين. إنه الطريق الوحيد للصدق والتصديق بالصدق وهو الحصانة من الكذب على الله وعلى الناس. فلا يجادل فيه إلا كل كذاب أثيم. فيه يفرق كل أمر حكيم. لا يدانيه أي كتاب من كتب الأولين والآخرين. اللهم إني أبرأ إليك من جدالهم في كتابك فأصبحوا يقولون ما لا يفعلون. إنهم يمارسون التطفيف فيأمرون غيرهم بالبر وينسون أنفسهم. إنهم لم يرجعوا إليه ليصلحوا ذات بينهم. اللهم إني أبرأ إليك إخراج بعضهم البعض من بيوتهم وأسرهم لبعضهم البعض ومفاداتهم واستعبادهم وتعذيبهم لأسراهم. ومن أجل ذلك فإنهم يشترون بآياتك ثمناً قليلاً. ومن أجل ذلك فإنهم ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض. إنهم يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون. إنهم يبدلون غير الذي قيل لهم. إنهم يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً. اللهم إني أبرأ إليك من تهميشهم لبعضهم البعض ومن ممارسة التعذيب لبعضهم البعض ومن احتقار بعضهم البعض ومن سجن بعضهم البعض ومن حرمان بعضهم البعض ومن أكل لحوم بعضهم البعض ومن التعالي على بعضهم البعض ومن السخرية من بعضهم البعض ومن لمز بعضهم البعض ومن إطلاق القاب الكفر على بعضهم البعض. اللهم إني أبرأ إليك من تزكيتهم لأنفسهم وتجريمهم لمن يخالفهم. إنهم يشترون الحياة الدنيا بالآخرة. إنهم يعبدون أنفسهم ولا يسمعون كل ما لا تهوى أنفسهم. إنهم يحيون من يواليهم ويقتلون من ينتقدهم. إنهم يتوبون على من يشاءون ويلعنون من يشاءون ويطهرون من يتبعهم وينجسون من يخالفهم. فمن رضوا عنهم فإنهم يقطعون لهم من الجنة ومن حور العين ما شاءوا ومن غضبوا عليهم فإنهم يؤيسونهم من جنتك ويخوفونهم بنار من غير الرجوع إليك. إنهم لا يتوبون إليك ولا يستغفرونك.