أقول في بداية إعجابي بظهور فتاة تقود حرباً على القات بمساعدة خمسين محارباً, إننا كرجال شكلنا في تعز أول جمعية سميناها جمعية مواجهة أضرار القات, وكان أبرز المنتسبين إليها الدكتور اللواء رشاد العليمي شفاه الله والدكتور علي محمد سعيد الشيباني والدكتور عبدالوهاب الغرباني وآخرين وتوخينا الحذر في اختيار الشعار خوفًا من حملة شرسة ضدنا من الموالعة والمزارعين, وكثير منهم كما علمنا مسؤولون يملكون مزارع للقات شاسعة وأمّنوها بمياه الآبار الارتوازية على حساب الإنسان الذي يحرقه الظمأ وهو عاجز عن الحصول عليه إلا بشق الأنفس. واستمرت هذه الجمعية بجهود ذاتية وكان لها مقر وفعاليات تطوعية في المدارس بصورة خاصة لإظهار أضرار القات مع قليل من الملصقات التي كان بعض الشباب لايضعونها في الأماكن المحددة إلا والقات في أشداقهم غير مبالين بتعليقات المارة الذين يقرأون تلك الإرشادات للتخفيف من أضرار القات صحياً ومادياً ونفسياً إذ بسببه تفككت أسر وقتل العديد من الناس في النزاعات على الأرض والآبار, خاصةً وأن المخدرات كانت قد فرضت نفسها بين عدد كبير من متعاطي القات الشباب. وسبق أن كتبتُ عن التحول العكسي في جهود القلة من المناهضين للقات جملة وتفصيلاً وقلت: إنه من أغرب الأشياء أن ينهزم المناهضون للقات بسرعة أمام التوسع السريع والكبير في زراعة القات في طول البلاد وعرضها ومنها المرتفعات الوسطى والشمالية والشرقية مثل محافظة ذمار ورداع والبيضاء وبعدان وكل ما حول صنعاء وصعدة وحجة والضالع ويافع وما بقي من بعض المناطق التي كانت مأهولة به إلى جانب بعض المواضع التي تزرع الطعام. ثم قلت: إن آمالنا كانت قبل أن نتداعى لتشكيل أول جمعية يمنية لمواجهة أضرار, معلّقة على الشباب, فإذا بالشباب رجالاً ونساءً يتصدرون القائمة التي لا تنتهي من المسيئين لليمنيين أمام العالم وخاصة السياح والعاملون الأجانب في اليمن, فلم نكن نشاهد في الماضي شاباً يمضغ القات بين كبار السن في المجالس إلا في المناسبات وفيما ندر من الأوقات لأن التقاليد كانت تفرض عليهم ألا يتناولوه إلا بعد الزواج والإنجاب وبشرط أن يكون ذلك أيام رواجه في مواسم الأمطار ورخصه وبأن يكون من أملاكهم. ليس هذا وحسب, فقد سمعنا أنه لا يكون للقات معنى إلا إذا كان مبودراً وأن يكون المولعي الشاب مصطحباً مكملات كالحبوب المنشطة والمشروبات الغازية وشراب الشعير والطاقة, وقد قالها لي أحد ثلاثة من الشبان الذين التقيت بهم على متن باص صغير مستفزاً أياي على نظرتي إليهم نظرة استنكارية لتعاطيهم القات في الصباح بحيث ثقل كلامهم لكن كلمة ثالثهم لي: أيش ياحاج أوما اعجبناكش؟!.. ومضى في الاستفزاز بقوله: شوف نأكل القات المبودر ولا نشعر بالكيف إلا إذا كان مبودراً. وأضاف وقد أخرج كيسين صغيرين من النايلون أحدهما فيه حبوب والثاني فيه بودرة: وهذا من مستلزمات الكيف والراحة وأنت قول ما تريد, واشتم الشباب كما يحلو لك, ولم أنبس ببنت شفه لأن ملامحهم بدت غير طبيعية وطلبت من سائق الباص التوقف لأنزل في منتصف الطريق بين النقطة التي قصدت الوصول إليها وبداية الطريق.. أردت بهذه المقدمة الطويلة لما أردت الوصول إليه آملاً أن تطّلع عليه الشابة هند الإرياني ليس لتثبيطها وإنما للانتفاع إذا جاز التعبير من تجربتنا كرجال أرادوا أن يعالجوا مشكلة القات ويقضوا على السمعة السيئة لليمنيين في الخارج بسبب القات وأتمنى لها النجاح والعون خاصة من أسرتها الكريمة التي لا يتعاطى معظمها القات بحسب معرفتي الشخصية بهم.