هذا الإشهار للتكتل الوطني الزاعم أنه يسعى إلى العمل لاستحضار الدولة المدنية في اليمن من بين ركام ماضي هؤلاء الذين ما زالوا يضربون المدنية والمدنيين في كل أوجه الحياة في العاصمة وشوارعها وضواحيها بشكل خاص, بمخالفاتهم الصارخة وعنترياتهم البغيضة على مدى عمر الثورتين بل الثلاث الثورات العظيمة. فقد كانوا يفرضون سيطرتهم بالقوة التي تُحمل في مواكبهم كل على حدة, ورغم أنف القانون والنظام ويرفعون الكرت الأحمر بوجه رجل المرور وحارس المنشأة ومدير مكتب الوزير أو رئيس المؤسسة مدنية كانت أو عسكرية, وعندما يقولها أحدهم: نحن الدولة, فهو يترجم ذلك على مدار الساعة, ومن كذّب جرّب في الماضي حين كان الرئيس السابق ينفذ أوامر الشيخ في إطلاق سراح القتلة من أبنائه للجندي في جولة المرور أو أمام الأمن السياسي أو يرفضون التفتيش في المطارات وفي مدخل القصر. إن هذا الإشهار ماهو إلا التفاف على مؤتمر الحوار لفرض أمر واقع, وابتزاز كورقة مساومة للحصول على موقع الصدارة في أي مكوّن قبلي سياسي تعززه قوة الميليشيات غير القانونية عدداً وعدة وفكراً غارقاً في التخلف بأمر المشائخ الذين لايؤمنون بأي دولة مدنية إلا إذا ضغطوا بميليشياتهم وأسلحتهم ومداخيلهم الضخمة من الداخل والخارج. على من يضحك هؤلاء؟ سوى على الذين لايثقون بأنفسهم ولم يصدقوا أنهم قد وصلوا إلى الكراسي بفضل الثورة الشبابية السلمية وليس بسوط هؤلاء الذين أوصلوا الأمور إلى ماهي عليه في اليمن بتكتلهم مع من استحلوا دماء الجنوبيين وأراضيهم وبيوتهم وعقاراتهم ويتباكون اليوم, كما قال الكاتب عبيد الحاج, بكاء التماسيح ويذرون الرماد في عيون قلة من أبناء الجنوب, أملاً في بقاء استثماراتهم غير القانونية ومصالحهم في عدن وكل المحافظات الجنوبية الشرقية. فهذه مهزلة جديدة من مهازلهم الفادحة الثمن, وأتخيل أن كل أوراقهم قد كشفت وأن أوراق التوت قد سقطت ولن يصدقهم إلا الخدج في السياسة والمترهلين الذين يفرحون بالمال كثر أو قل ويدنّسون أنفسهم ويفقدون أي احترام لهم بين اليمنيين جنوباً وشمالاً. لقد فات الأوان يا من لا وجهة لكم إلا القبيلة الواقعة تحت سيطرتكم ولم تستطع الفكاك منكم لأنكم استعبدتموها عقوداً طويلة من الزمن وحرمتم أبناءها من التعليم بتجنيدهم في قصوركم وسجونكم الخاصة, وقتال خصومكم بدون رحمة وأكلتّموهم الفتات المتبقي من موائدكم على قاعة مداخل مجمعاتكم الفاخرة المؤثثة بأحدث ما أنتجته مصانع العالم من الألف إلى الياء, وتريدون من بين ما تطمحون إليه القضاء على الحرس الجمهوري والأمن المركزي وكل القوات المسلحة, وإحلال ميليشياتكم أو حرسكم محلها فيما أصابعكم على الزناد لتحقيق هذه الغاية.