مر أكثر من عامين واليمنيون لم يتناهَ إلى مسامعهم خبراً سعيداً كالذي سرى كالنار في الهشيم عندما تم دحر عناصر الشر من (جعار) و(زنجبار) و(مودية) قبل يومين في محافظة ابين .. فقد نزل هذا النبأ برداً وطمانينة على قلوب ابناء هذه المحافظة الذين تشردوا عن منازلهم ومقار أرزاقهم.. ومن بقي منهم خضع لعقوبات الجلد والبتر وجز الاعناق وهي قوانين فرق (الشر) الذين انتشروا كالنبت الشيطاني يعيثون في هذه المحافظة فساداً وتنكيلاًً وقتلا!! هذه المساحة من الفرح لم تقتصر على ابناء أبين فحسب، بل امتدت لتمثل كل ابناء الوطن الذين ظلوا ممسكين على قلوبهم خوفاً وهلعا من خطورة هذا السرطان على الجسد اليمني الذي خرج منهكاً من ازماته السياسية المتلاحقة فضلاً عن مخاوفهم الحقيقية من قيام هذه العناصر بتعميم تجربة (طالبان) وتخريب ما بقي للدولة من مكانة, وإثارة النعرات والضغائن وتشتيت القدرات. ًوالأهم من ذلك إغلاق سبل العيش أمام اليمنيين، وإعادتهم مرة اخرى الى ((القمقم)) القديم بكل ما يحمله من دلالات ومعانٍٍ. بصراحة .. تعبنا طيلة العقود الماضية من الحروب والاقتتال والدماء والاختلاف والفرقاء .. وإهدار الفرص لترسيخ الاستقرار الواحدة تلوه الاخرى، كنا كلما تبددت واحدة تشيع الهدوء والتقاط الانفاس كلما اسرعنا في اغتيالها! حدث ذلك بعد الثورة في عام 1962م حيث انقسم اليمنييونمابين جمهوري وملكي ودارت بينهم حرب ضروس اكلت منهم أكثر مما التهمت حرب داحس والغبراء على الرغم من مصالحة خمر عقب قيام الثورة. وتكررت المأساة بعد دحر الحصار عن صنعاء عام 1967م حيث شبت النيران داخل الصف الجمهوري .. وكلنا يتذكر ما افضى اليه ذلكم الاقتتال من فرز طائفي ومناطقي مقيت .. فضلاًعن الحروب التشطيرية التي دارت راحاها لأكثر من مرة . وفي جانب آخر ، وبعد نجاح ثورة 14 أكتوبر وطرد المستعمر البريطاني من عدن الحبيبة. دبت الفرقة سريعًا ما بين جبهتي التحرير والقومية والذي ادى الصراع بينهما الى ان تدخل المناحة كل بيت تيمناً بما قاله (السر همفري تريفليان) آخر مندوب سامي بريطاني في عدن عندما سأله احد اعضاء البرلمان البريطاني عن اسباب الانسحاب من عدن: حيث أجابه بالقول: سنخرج من عدن ولكننا سنترك المناحة هناك.. وفي الآونة الاخيرة تكرر المشهد في حروب صيف 94م وحروب صعدة الستة .. في ضرب الحراك الجنوبي وماشهدته مؤخراً الصدامات في الساحات بصنعاء وتعز .. وشواهد اخرى كثيرة متشابهة. مما سبق آنفاً .. ما الذي نستفيده من كل الشواهد التي استحضرناها؟ الأكيد أننا عندما نطرد (الشر) من ابين علينا ان نزرع الخير في اليمن.