الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



30 نوفمبر..
نبراس يُعلِّم الأجيال معنى الفداء والبطولة لصناعة شمس الحرية

في 19 يناير عام 1839م احتلت بريطانيا عدن في خطوة اعتبرتها مهمة واستراتيجية نظراً للموقع الجغرافي المهم لميناء عدن والذي يتوسط طريق التجارة الدولية وبالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي بعد ذلك أمتد نفوذها حتى شمل كل مناطق الجنوب اليمني بواسطة السلاطين والمشائخ ليستمر احتلالها لجنوب الوطن 129 عاماً استخدمت فيه سياسة فرق تسد لتأمين بقائها جاثمة على صدور اليمنيين ولم يكن النضال المرير للشعب اليمني ضد الاستعمار البريطاني حتى استقلال الجنوب في 30 نوفمبر 1967م وليد اللحظة وإنما كان لذلك النضال صولات وجولات تضرب في عرق التاريخ جذورها من اللحظة الأولى لمجيء الاستعمار البريطاني إلى الجنوب، ولم تنطفئ شعلته عبر السنين حتى رحيل الاستعمار في ال30 من نوفمبر 67م ومع احتفالات بلادنا بالذكرى ال (46) لجلاء الاستعمار البريطاني من جنوب الوطن والتي تتواكب مع اللحظات الأخيرة لاختتام مؤتمر الحوار الوطني المعول علية رسم ملامح مستقبل اليمن الجديد كان لابد من وقفات مع هذا الحدث الوطني واستلهام محطات النضال الوطني لهذه الذكرى العظيمة ومعاني ودلالات الاحتفال بيوم الجلاء الذي سيظل نبراساً يعلم الأجيال معنى الفداء والبطولة ومعنى التضحية التي قدمها الأحرار في جنوب الوطن وشماله من اجل تحرير الأرض من دنس الاحتلال وصناعة شمس الحرية التي يستظل تحتها اليوم كل اليمنيين ولمعرفة هذه المعاني والدلالات في قلوب اليمنيون أجرينا هذه اللقاءات مع عدد من الأكاديميين والمناضلين والباحثين وكانت الحصيلة كالتالي:
يوم تاريخي
الأستاذ خالد سعيد الديني محافظ حضرموت تحدث حول هذه المناسبة بالقول: لقد شكل منجز الاستقلال الوطني المجيد الذي تحقق في الثلاثين من نوفمبر 67م اللبنة الأساسية لإعمار وطن ظل يعيش سنوات طويلة خارج الزمن. بل الأمر من ذلك انه كان يعاني ويلات التخلف والجهل والفقر والقمع الذي لا ينتهي ناهيك عن التمزق والشتات الداخلي اللذين ظل يعاني منهما هذا الجزء الغالي من الوطن بفعل تقسيمه إلى أكثر من اثنتين وعشرين إمارة ومشيخة، فكان أن جاءت الثورة وانتصرت وكان من ابرز منجزاتها أنها وحدت هذه الكيانات المتفرقة في دولة واحدة وأعادت الآمال في إمكانية توحيد شطري الوطن خصوصاً بعد انتصار الثورة في صنعاء التي حاصرت الحصار وهزمته. هذا فيما يتعلق بنوفمبر الاستقلال اليوم التاريخي الأغر الذي مثل حدثاً عظيماً في تاريخ اليمن، فيه شهد الوطن حريته بعد 129عاماً من الاحتلال البغيض، وما الاحتفاء بهذا اليوم إلا فرصة نتذكر فيها حجم المعاناة التي عاناها ومر بها المجتمع اليمني في ظل الاحتلال من انقسامات وتشرذم وفرقة وكلها عوامل حرص الاستعمار على تكريسها ليضمن بقاءه واستمراره في السيطرة على مقدرات وخيرات وطننا، وفي هذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نترحم على أولئك الشهداء الأبطال الميامين الذين بذلوا دماءهم رخيصة في سبيل نيل الاستقلال الذي تحقق صبيحة يوم ال30 من نوفمبر 67م برحيل آخر جندي بريطاني من مدينة عدن الباسلة.
محطات النضال
الأستاذ زيد محمد حسين الفرح رصد أهم محطات النضال الوطني في جنوب الوطن حتى نيل الاستقلال في ال30 من نوفمبر 67م قائلاً: لم يكن النضال المرير للشعب اليمني ضد الاستعمار البريطاني وليد اللحظة وإنما كان لذلك النضال صولات وجولات تضرب في عرق التاريخ جذورها من اللحظة الأولى لمجيء الاستعمار البريطاني إلى الجنوب، ولم تنطفئ شعلته عبر السنين حتى رحيل الاستعمار , فعندما تمركز الكابتن هينز بسفينته وزوارقه في خليج عدن (1838م) بعث إلى السلطان محسن العبدلي مخبراً إياه أن بريطانيا ستدفع له ثمانية آلاف ريال سنوياً، بالإضافة إلى امتيازات مقابل تسليم مدينة عدن، وقال بأنه سيأتي إلى باب عدن لمقابلة السلطان محسن العبدلي، فأجاب عليه ابن السلطان محسن قائلاً: «إذا جئت إلى باب عدن لمقابلة السلطان فتحنا لك الباب وقطعنا رأسك بالسيف وعلقناه على باب عدن»، ثم تتابعت التعزيزات البريطانية بالسفن المزودة بالمدافع المتحركة وقوات المشاة، ثم قام البريطانيون بهجوم ولكن التفوق البريطاني في الأسلحة أتاح لهم الانتصار في المعركة التي سقط فيها (15) قتيلاً بريطانياً، بينما استشهد (139) يمنياً واحتل الإنجليز عدن في 19 يناير 1839م، فتواصلت المعارك إلى عام 1843م حيث تم عقد اتفاقية سلام مع السلطان محسن العبدلي.. يقول ماكرو: «وفي نوفمبر 1847م توفي السلطان محسن الذي كان خصماً عنيداً، أما نجله السلطان أحمد بن محسن فكان مدركاً لمزايا الصداقة مع بريطانيا». وذهبت بعض الشخصيات الرئيسية في الجنوب اليمني إلى الحاكم البريطاني لمستعمرة عدن الميجور سنير عارضين وضع سلطنتهم تحت الحماية وقامت بريطانيا برسم خارطة سياسية للمناطق التي اعتبرتها تابعة لعدن وتُعتبر تحت نفوذ وحماية بريطانيا 1837م وأصبحت تلك المناطق تُعرف باسم (النواحي التسع)، ولكن المقاومة اليمنية لم تخمد وإنما تصاعدت من جديد في إطار الدولة العثمانية ضد بريطانيا وذلك في عام 1915م حيث زحف سعيد باشا الشركسي على رأس نحو ثلاثة آلاف من الجيش العثماني وعدة آلاف من المجنّدين اليمنيين وأكثر من عشرة آلاف من أبناء القبائل والمناطق اليمنية إلى مناطق محميات الجنوب التي التحق كثير من مشائخها وسلاطينها وقبائلها بالصف والجمع الإسلامي العثماني واليماني أمثال (نصر أمير الضالع، وسلطان الحواشب، وقبائل من يافع، والضالع، وأبين، ثم السلطان الفصلي، وبنو العميري، وغيرهم).. يقول جاكوب - المعتمد البريطاني للمحميات -: «لقد نفخ فيهم ذلك الجنرال الشركسي - سعيد باشا - روح العقيدة التي هي عبارة عن نداء الإسلام للقتال - الجهاد -» وفي 5 يوليو 1915م اندلعت المعارك حيث انهزم الجيش البريطاني وانتصر اليمنيون والجيش العثماني وانتهى الوجود الاستعماري البريطاني فيما كان يسمّى محميات سلطنة لحج ونوابها والحواشب وإمارة الضالع ويافع العليا والسفلى وسلطنة الفضلية وشقرة وغيرها إلى ساحل باب المندب وأصبحت تلك المناطق الجنوبية من اليمن بمثابة إحدى متصرفات ولاية اليمن.. كما أصبحت مدينة الحوطة (لحج) العاصمة الإدارية لتلك المناطق ومقر حاكمها الجنرال سعيد باشا في إطار ولاية اليمن، كما قام مشائخ وسلاطين حضرموت بمكاتبة سعيد باشا بالانضواء في ولاية اليمن والدولة العثمانية الإسلامية وهو ما تنطق به رسالة سعيد باشا إلى صنعاء (والمنشورة في كتاب هدية الزمن للعبدلي) وقد استمر ذلك الوضع حتى نهاية الحرب العالمية 1918م التي انسحب فيها العثمانيون من اليمن وكان من آخر كلمات سعيد باشا قوله للمقيم البريطاني «إن الإسلام لم يمت، وأن كل الشعوب الإسلامية سوف تسبّب المتاعب لحكامهم النصارى المستعمرين وتثير في وجوههم المشاكل عن طريق المقاومة، إن لم يكن في هذا الجيل الحاضر ففي الأجيال القادمة والتي ستظهر بكل تأكيد.
وتمت في صنعاء مباحثات الوفد البريطاني والحكومة اليمنية وذلك بعد أن اشتعل صراع يمني - بريطاني واستمر حتى التوصل إلى عقد معاهدة في 11 فبراير 1934م اعترف فيها الإمام يحيى بحماية بريطانيا للجنوب واشترط (رايلي) للتصديق على المعاهدة أن تنسحب القوات والإدارة اليمنية من الضالع والعوذلي وغيرها، وتم التصديق عليها في سبتمبر 1934م مما أتاح للاستعمار البريطاني في عدن القيام عام (1934م - 1937م) بإخضاع المقاومة في العديد من المناطق الجنوبية بعد شنّ هجمات برية وجوية على قبائلها وتحويل بعض المشائخ إلى سلاطين وأمراء وإبرام وتجديد معاهدات معهم ووضعهم تحت إشراف مستشارين بريطانيين.
وأشار الفرح إلى أن من أهم محطات النضال الوطني في جنوب الوطن كانت تشكيل الجبهة القومية من «تنظيم حركة القوميين العرب» وعدة تنظيمات، وقد حسمت معركة 14 أكتوبر الموقف لصالح الجبهة القومية ووضعت معارضيها في موقف ضعيف.. ثم أيّد الرئيس عبدالناصر دعم الجبهة القومية بالسلاح والمعدات والمال.. ومنذ مطلع مايو 1964م شهدت الجنوب تصعيداً للنضال المسلّح بحيث كان العنوان الرئيس لصحيفة (فتاة الجزيرة) في عدن يوم 5 مايو 1964م «جيش الاتحاد وقوات بريطانية في معارك مع الثوار» بينما كان العنوان الرئيسي لصحيفة «الأخبار» في عدن هو «طائرات بريطانية تمطر الثوار بالصواريخ». وكان أكثر ما يثير قلق لندن هو انتشار العمليات الفدائية وفي إحدى تلك العمليات تم قتل «السير آرثر تشارلز - رئيس المجلس التشريعي بعدن) في سبتمبر 1965م وقالت صحيفة «الصندي تايمز» «إن أعمال الفدائيين لها سجل فائق النجاح بلغت ذروتها بمصرع السير آرثر تشارلز في مطلع هذا الشهر وفي يونيو 1965م قامت السلطة الاستعمارية في عدن بإصدار (قانون الطوارئ) واعتقال بعض عناصر الجبهة ومنذ أواسط يوليو 65م أعلنت بريطانيا تشكيل (جماعة عمل) في مؤتمر دستوري (مؤتمر لندن الدستوري) وهو تشكيل «دولة الجنوب العربي» وأن تقوم تلك الدولة بتأجير عدن كقاعدة بريطانية عسكرية مقابل 12 مليوناً إلى 14 مليون جنيه إسترليني في السنة وقد فشل ذلك المؤتمر منذ ديسمبر 1965م تم عقد اتصالات ولقاءات سرية وعلنية لتحقيق وحدة دمج وطنية بين القوى الوطنية التي تقود وتشارك في نضال الثورة اليمنية لتحرير الجنوب اليمني وهي الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن ومنظمة تحرير الجنوب اليمني وشخصيات مستقلة ووحدوية وأشخاص من بيوت السلاطين وتم إعلان وحدة الدمج الوطنية في إطار الجبهة الجديدة «جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل» يوم 31 يناير 1966م وتم إذاعة بيان التوحيد من صنعاء والقاهرة واستقبل الشعب اليمني والعالم العربي ذلك النبأ بالابتهاج والأمل وتم تشكيل «المجلس القيادي لجبهة تحرير جنوب اليمن» من 12 عضواً وكان توحيد القوى الوطنية نقطة تحوّل هامة في تصعيد النضال لتحرير الجنوب وكانت عدن تموج باستمرار بالمظاهرات والمسيرات والإضرابات ضد الاستعمار بالرغم من الاعتقالات وكانت المعركة في الجنوب قد جذبت اهتمام العالم وقررت الأمم المتحدة إرسال بعثة كان وصولها في 3 إبريل كان المشهد الذي رأته بعثة الأمم المتحدة ورآه الصحفيون ومراسلو وكالات الأنباء يوم وصول البعثة أعظم مما يمكن أن تتخيله الأساطير.. وكانت كل الشوارع تموج بالمسيرات والمظاهرات العارمة وكانت الهتافات تشق عنان السماء وكان البوليس والجيش المدجج بالأسلحة الخفيفة والثقيلة يتصدى للمسيرات والمظاهرات، وواصلت البعثة إلى الفندق الذي نزلت فيه وتواصلت العمليات الفدائية في إحداها نسف مصفحة بريطانية, وحين غادرت البعثة أعلنت تعاطفها مع النضال وأن بريطانيا يجب أن تنفّذ قرار الأمم المتحدة (الذي صدر في نوفمبر 65م).. وكان الأهم من ذلك أن بريطانيا اقتنعت بأنها لابد أن تحمل عصاها على كتفها وترحل، وقامت الحكومة البريطانية في مايو 1967م بتعيين مندوب سامٍ جديد لعدن هو السير همفري تريفليان الذي يقول في كتابه كما في كتاب التاريخ العسكري: «وصلت إلى عدن يوم 20 مايو 1967م وقد تحددت مهمتي في إجلاء القوات البريطانية منها بسلام..» ثم يضيف قائلاً: «لقد باتت سياستنا هي محاولة ربط عقدة الحبل ثم سحب أنفسنا من الحلبة بدون كارثة بينما كانت مباحثات التسليم قد بدأت وفي 29 نوفمبر 1967م وقع وفد الجبهة القومية برئاسة الأستاذ المناضل قحطان الشعبي ووفد بريطانيا برئاسة اللورد شاكلتون وثيقة اتفاق الاستقلال يوم 30 نوفمبر 1967م وفي 30 نوفمبر 1967م نزل العلم البريطاني وارتفع علم جمهورية اليمن.
إنجاز الشعب الأكبر
كما التقينا رجل الأعمال والسياسي عبدالله علي السنيدار الذي حدثنا عن أهمية عيد الجلاء لدى اليمنيين قائلاً: إن المناسبات العظيمة قل ما توجد في حياة الشعوب وتتفاوت عظمتها بحجم ما تحققه من إنجاز للشعب فالثلاثين من نوفمبر هو إنجاز الشعب الأكبر والخاتمة لتلك الحقبة من الزمن فقد توالت الانتصارات الشعبية قبيل عيد الجلاء من سبتمبر وأكتوبر العظيمتين ليزيد رصيد العزة في نفوس اليمنيين وكانت بداية المشوار إعادة تحقيق الوحدة الوطنية في 22مايو 1990م التي نشدها أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه للخروج من معانة التشطير والذي كان للاستعمار يد في إيجاده, فكل الأجيال القادمة لن تستطيع أن تحقق ما حققه الأوائل من إنجازات شبيهة بعيد الجلاء وستظل تتحدث عن هذا الإنجاز الكتب والتاريخ والدنيا على مر العصور, فالتحول الإيجابي واضح والتحقيق ملموس منذ ذلك اليوم حتى اليوم على الرغم مما مرت به اليمن واليمنيون من أزمات وتحولات كل هذه التحولات زادت اليمنيين فخراً وحفاظاً على الثوابت الوطنية وولاءً للوطن مهما حاول الحاقدون أن ينزعوا ذلك من نفوس اليمنيين فقد اثبتوا صلابتهم الوطنية الدائمة حتى في الظروف المعيشية الراهنة فقد كان لعيد الجلاء مكانته فقد تعرف الشعب على أوضاع من عاشوا تلك الحقبة من الزمن وقارنوها بواقعهم المليء بالحرية التي منحت لهم اليوم والكرامة الراسخة في نفس كل يمني, فقد رد اعتبار الوطن في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر بما قدم الشهداء من تضحيات ودماء زكية ظل عطرها إلى اليوم فواحاً ينشر ريحه الطيب على كل يمني, وفي هذه المناسبة نتذكر الشهداء وأسرهم وكل المناضلين والأحرار وعلى رأسهم المناضل الأول المشير عبد ربه منصور هادي الذي حمل نفسه العبء الثقيل في مسيرة النضال طيلة حياته ولبس ثوب الاهتمام والحب بهذا الشعب والوطن بصورة دائمة.
الانتصار الأعظم
الشيخ عبدالله بن عبدالله هاجر الأمين العام المساعد لملتقى أبناء وشهداء مناضلي الثورة اليمنية بدوره قال: يوم الاستقلال الوطني (30 نوفمبر 1967) هو يوم أغر في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة جسد فيه الشعب اليمني العظيم بملاحم بطولاته الفدائية الجسورة وبدماء شهدائه الزكية الطاهرة الانتصار الأعظم لإرادته الوطنية ولمبادئ ثورته اليمنية الخالدة وللتضحيات الجسام التي قدمها في ميادين الشرف والفداء على امتداد تاريخ نضاله الوطني المتجذر في عمق الأرض اليمنية من أجل التحرر من الاستبداد والطغيان وتحقيق السيادة بمقوماتها الديمقراطية الزاهية وخلال احتفال وطننا بهذه الذكرى اليوم لابد من استلهام البطولات التي جسدها المناضلون والتضحيات التي قدموها من أجل تحرير الأرض اليمنية من دنس الاستعمار لأن هذه التضحيات الكبيرة هي التي جعلتنا نعيش اليوم واقع الحرية والوحدة اليمنية التي كانت ثمرة من ثمار تلك التضحيات العظيمة ولابد أيضاً من رعاية أبناء وشهداء مناضلي الثورة اليمنية بشكل فعلي ومنحهم الكثير من الامتيازات في المجال الصحي وفي الجامعات والمعاهد وتوفير فرص العمل لهم وتسمية الشوارع بأسماء تلكم القامات الوطنية ونشر سيرتهم الشخصية وبطولاتهم في المناهج الدراسية حتى يعرف هذا الجيل حجم التضحيات التي قدمها الشهداء والمناضلون من اجل وطنهم ومن اجل مستقبل أبناء اليمن وهذا يعتبر أقل واجب يقدم للشهداء والمناضلين وأبنائهم باعتبارهم الصناع الحقيقيين لتاريخ اليمن المعاصر.
ذكرى عظيمة
الدكتور عبدالباري الدغيش عضو مؤتمر الحوار الوطني قال حول هذه المناسبة:
لاشك أن الثلاثين من نوفمبر يشكل بحد ذاته ذكرى عظيمة ففيه تم جلاء آخر جندي بريطاني عن عدن وبذلك نالت اليمن استقلالها الكامل بعد 129 عاماً من الاستعمار البغيض الذي جثم على صدر هذا الشعب الحر ولا ننسى مقولة الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة عندما وصف هؤلاء المستعمرين في قوله:
حمر الوجوه مشوهون كأنما
نبتت جسومهم بأرض جهنم
كما يصف بطولة أبناء اليمن حين ذاك:
أفراد أبناء الجنوب تجمعوا فرقاً
كأسراب النسور الحوّم
وبالتالي وبعد نضال مستميت وطويل نال أبناء اليمن في الجزء الجنوبي منه الاستقلال بعد أن هزموا أعتى قوة استعمارية المملكة التي لا تغيب عنها الشمس جارين وراءهم أذيال الهزيمة، ولهذا ستبقى هذه الذكرى عظيمة في قلوبنا بما حملته من معانٍ ودلالات كبيرة.. إن عظم الاحتفال بهذه المناسبة يبرز جلياً النضالات الكبيرة لأبناء شعبنا اليمني والتي توجت في ال22 من مايو 1990م بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية والتي ظلت ردحاً من الزمن حلماً يراود اليمنيين وأصبحت في الأخير حقيقة ناصعة وكلنا نامل أن يكون مؤتمر الحوار قاعدة قوية للانطلاق نحو المستقبل المشرق لكل اليمنيين.
مناسبة خاصة
الدكتورة فاطمه أبو الأسرار أستاذة جامعية قسم مناهج العلوم قالت: إن عيد الجلاء يمثل مناسبة ذات أهمية خاصة فالكل يحتفل بها لما لها من مدلولات تعبر عن العزة والكرامة لليمنيين كافة وله أهمية خاصة في نفوس الجيل السابق من محققي نصر الثورة وتكليلها بالنجاح بالجلاء في نوفمبر كثمره للإنجاز العظيم ,فالثلاثين من نوفمبر له أهمية بالغه لدى الجميع فأنا أذكر وأنا طفلة كيف كنا نحتفل في المدارس بهذه المناسبة وكيف كان الولاء الوطني مرتفعاً في نفوسنا وكان الكبار من المناضلين يتفاخرون بإنجازهم هذا ,ولذا فإن هذه المناسبة يجب أن يتفاعل معها الكل ويحتفل فيها وتتحمل المسؤولية الدولة في نشر أهمية الاحتفال بها في نفوس الناس من خلال تسليط الضوء على هذه المناسبة في كل الوسائل الإعلامية واستقبالها بما يليق بها حتى يشعر الجميع بمقدم وعظمة هذه المناسبة, وبالنسبة لي فأنا من مواليد عدن وقد غرس فينا حب الوطن من خلال الاحتفال بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات الوطنية من قبل المدرسة ومن خلال المدرسة نفسها ,فإذا نحن اليوم نحتاج إلى أن نوصل رساله للمجتمع بأهمية هكذا حدث فيجب أن يكون عبر المدرسة فالانتماء يأتي من خلال ما تبثه المؤسسة التعليمية في الطفل من خلال وضع مناهج تاريخيه تعرف الطالب بالمناضلين وما قدموه, فما يثير الدهشة أن بعض الطلاب لا يعرفون ما معنى عيد الجلاء وما لذي حصل فيه , و لا يعرفون أن اليمن بدأت تتنفس الحرية والكرامة بخروج آخر مستعمر من اليمن, وحتى في الوسائل الإعلامية لا يتم إعطاء المناسبة حقها وأما اليوم فهناك ما هو اخطر من الاستعمار فهناك من يحاول أن يجر البلد إلى ما قبل الثلاثين من نوفمبر ولكن بالرغم مما يحصل الآن في ظل الأوضاع التي تعيشها البلد فنحن نؤمن أن التغيير الذي نشده ثوار نوفمبر قد تحقق اليوم مهما كانت الصعوبات.
لنقف كلنا يداً واحدة
الأخ أيمن محمد وليد من القيادات التربوية قال من جانبه: حقيقية أن يوم الجلاء الوطني ال30 من نوفمبر هو مناسبة عظيمة في تاريخ النضال الوطني في جنوب وشمال اليمن فهذا اليوم يمثل يوماً تاريخياً في النصر والإرادة لهذا الشعب العظيم الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه وأن ينتصر على كل ظالم وباغٍ أراد لهذا الشعب الدمار والتخلف لكن نحن على ثقة بأن الشعب اليمني كما طرد أخر جندي بريطاني سيطرد كل إنسان سيئ يقف ضد تطور هذا الشعب العظيم وتطور اليمن, وأضاف: أوجه رسالة إلى كافة أبناء الشعب اليمني العظيم بأن يقفوا صفاً واحداً بعيداً عن الحزبية والمذهبية وغيرها وان نقف كلنا يداً واحدة لبناء اليمن العظيم.
معانٍ ودلالات
الأخ نصر المصري –جامعة صنعاء تحدث عن معاني ودلالات الاحتفال بيوم الجلاء الوطني ال30 من نوفمبر قائلاً: نعيش اليوم الاحتفال بالذكرى ال(46) ليوم الجلاء العظيم ال30 من نوفمبر وخروج أخر جندي بريطاني من جنوب الوطن وكلما عادت هذه الذكري نشعر بالافتخار بهذا العيد وبالتضحيات الكبيرة التي قدمها الشهداء والثوار من اجل خروج الاستعمار من الأرض اليمنية بالتالي لابد اليوم من الوقوف وقفة إجلال وإكبار بهذه الذكرى العظيمة وتعريف الأجيال القادمة بما عاناه المناضلون من اجل إخراج الاستعمار من الوطن ونؤكد أن ما نعيشه اليوم هو نتاج لتلك التضحيات الكبيرة التي قدمها شهداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وال30 من نوفمبر والتي جاءت الوحدة اليمنية تتويجاً لتلك النضالات والتضحيات بأغلى مطلب ظل يحلم به كل اليمنيين وهو الوحدة اليمنية التي أعادت الاعتبار لتاريخ اليمن المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.