في معناها المنطقي الوسط يعني النقطة منتصف طرفين، وكما يقال: لا تعني الوسطية المسافة بين الخير والشر وإنما الوسطية بحسب د.عمارة ود.القرضاوي منظومة قيم ورؤى وأفكار وجملة من أخلاقيات وسلوكيات ومعطيات تحدد ثقافة وهوية أمتنا الإسلامية. ولقد اختار الله أمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لتكون (أمة وسطاً)، وأفهم بعض معاني هذه العبارة القرآنية (أمة وسطاً) على أنه تحققت صفة الفطرة السوية التي ارتضاها الله لعباده المؤمنين المخلصين. عطفاً واستكمالاً لحديث سابق.. إن هذا المصطلح (الوسطية) قد حرف أو حُرف عن مفهومه الصحيح؛ فلقد أرادت بعض الدوائر الاستخباراتية بالتحديد ليصبح مفهوم (الوسطية) مرادفاً للتسيب والتفلت من الالتزام بالعقيدة والتفريط بجنب شريعة الإسلام، وهذا مفهوم مغلوط تحب بعض الجهات إملاءه وترويجه إعلامياً لأغراض بسيطة ومعقدة بذات الوقت. وقد سارت عبارات مثل (معتدل) تطلق على من تحرر من بعض التزامات دينية وحزبية، ومثل فلان (معقد)؛ لأنه شديد الحرص على أداء الشعائر الدينية، ومثل فلان (منفتح)؛ لأنه يذهب للمرقص مع صديقته أو لا يرى باساً في أن يتسامح في مواقف، ينبغي أن يكون فيها معتزاً بعقيدته وأخلاقه. كل هذه السطور وما سبق من سطور في ذات الفكرة تمهّد لحديث مقتضب عن مفهوم (أنصار الشريعة).. إنه مصطلح يغري ليس باعتناقه وحسب ولكن في الاستشهاد من أجله، ومَن مِن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لا يحب أن ينصر الشريعة؟. غير أن السؤال المهم هنا هو ما مفهوم بعض المسلمين للشريعة؟ ومن له الحق في تجذير هذا المفهوم؟ ومن الذي وضع هذا المفهوم من الأساس؟ وما هي الحدود التي سينطلق منها المناصر لشريعة الله؟ ومتى تكون هذه الشريعة بحاجة إلى النصرة؟.. وهذا المصطلح (أنصار الشريعة) يوحي بأن الشريعة محاربة، ما هي هذه الحرب؟ وما طبيعتها؟ وهل هناك إجماع على أن الشريعة في حالة حرب؟ ومن هو الطرف الآخر المحارب؟. أسئلة كثيرة أطرحها بوضوح على إخواننا (أنصار الشريعة) ليجيبوا عليها.. سائلاً الله لي وللمسلمين جميعاً الهداية إلى طريقه المستقيم.