إن الاسلام رسالة إنسانية لتهذيب البشرية ومن أجل الإنسانية كافة.. ومهمة المسلم التواصل وربط العلاقة مع كافة البشرية وتقديم النموذج الأخلاقي للبشرية بالرحمة والإحسان.. وإلا لما كانت الرسالة رحمة للعالمين .. (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الإسلام رسالة مفتوحة للجميع تدعو لمكارم الأخلاق والإحسان لخلق الله وهذا جوهر الدعوة التي تعني مد الجسور والعلاقة على قاعدة الإنسانية بغض النظر عن اللون والدين الذي لا إكراه فيه، فهو يخضع للاختيار القائم على أساس المسؤولية التي تميز الانسانيه عن بقية المخلوقات وتجعله أهلاً لحمل الأمانة دون السموات والارض وسائر الكائنات (فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) ولم يقل فحملها المسلم أو النصراني... (الإنسان) المعرض للمحاسبة والعقاب والجزاء كمسؤولية مقابل الاختيار.. أما على مستوى العلاقة والمعاملة وتبادل المنافع فكل شيء في الإسلام يدعو إلى التواصل والإحسان والتعامل مع الجميع على قاعدة الأمانة والاخلاق والحرص على تقديم المنفعة والخير للبشرية .. ولا يوجد في الإسلام دعوة للقطيعة مع بني آدم.. وفيه تزيين للرحمة وتنفير من القسوة مع كافة المخلوقات .. فالإحسان والكلمة الحسنة هى قاعدة الاسلام في هذه الحياة (وقولوا للناس حسنا) والمسلم عليه أن يقدم التعامل النموذج في الوفاء والامانة والخلق الراقي. توفي النبي ودرعه مرهون عند يهودي.. وعند الهجرة ترك من يعيد الأمانات إلى الناس وكانت هذه الأمانات لمشركين في مكة كانت تربطهم بالنبي علاقة ومعاملات وثقة أيضاً، ولم يقل لهم الرسول الكريم لا علاقة بيننا ولا سلام ولا كلام حتى تسلموا أو تكفروا إنما (لكم دينكم ولي دين) وتستمر الحياة ليقدم المسلم الأجمل والأنفع للناس وتستمر الدعوة العالمية على هذه الصورة البهية، وكل ما كان يطلبه من مشركي قريش هو الحرية وخاصة حرية الكلمة والدعوة والاستماع وكان غاية مطلبه (أن خلوا بيني وبين الناس).. هي الحرية إذاً غاية الرسالة الإسلامية ومقصدها.. ولا أحد يجهل العلاقة بينه وبين عمه أبي طالب الذي مات مشركاً ولم يمنع هذا بأن يكون كل منهما سنداً للآخر بل كان أبو طالب من كبار من حموا الدعوة وحزن الرسول الكريم لموته وعرف بعام الحزن.. وبعد عودته من الطائف استجار بمُطعم بن عدي الذي أعلن حمايته واستعداده للقتال دون النبي العظيم وهو مشرك. وكان للإمام أبي حنيفة النعمان جار يهودي اشتهر بالإساءة الدائمة للإمام، بينما عامله أبو حنيفة بالإحسان الدائم مراعاة لحقوق الجوار، لأن الاسلام رسالة تواصل ونجدة وأخلاق (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والتي كانت موجودة عند المشركين، كما اثنى على (حلف الفضول) الذي تم في الجاهلية لحماية المظلوم.. أي مظلوم دون السؤال عن لونه أو مقاسه أو دينه أو لون عينيه.. جمعتكم مباركة.