الحوار الوطني أمر تقتضيه الضرورة الوطنية لمواجهة كل عناصر التحدي، والعبور بالوطن إلى ضفة الانفراج التي تؤسس لبناء الدولة المدنية المؤسساتية الحديثة .. دولة النظام والقانون والعدالة والمواساة تنتفي في ظلها أشكال الظلم والإقصاء والتهميش والاستحواذ لتحل محلها الكفاءة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمعايير القانونية والإنسانية للمواطنة المتساوية. غير أن أكثر من هذه الضرورة هو نجاح الحوار ذاته وبلوغ الأهداف المرجوة منه .. ومن أجل ذلك, أرى تقسيم عملية الحوار الوطني إلى عدة مراحل أو محطات هامة: الأولى: تكرس لحوار يشمل الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وهي المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه واللقاء المشترك وشركاؤه، أضف إليهم مكونات الثورة الشبابية سواء كانوا الشباب أو الشخصيات السياسية والاجتماعية والفكرية والقبلية المستقلة بالإضافة إلى الحوثيين .. بحيث يتواصل الحوار بين هذه الأطراف حتى يصل إلى مشاريع حلول ورؤى واضحة لمجمل المشكلات الوطنية .. ومن ثم تبدأ المرحلة أو المحطة الثانية للحوار..وفيها: تدخل هذه الأطراف التي بدأت وانتهت من الحوار في المرحلة الأولى في جبهة عريضة واحدة لخوض حوار شامل مع قادة الحراك الجنوبي ورموز المعارضة في الخارج وكذا التنظيمات الجنوبية الأخرى (كرابطة أبناء اليمن) والشخصيات السياسية والاجتماعية الجنوبية المستقلة. بينما تُكرَّس المرحلة أو المحطة الثالثة: لعقد مؤتمر حوار وطني تتويجي شامل بمشاركة كل الاطراف المشاركة في المرحلتين الأولى والثانية تعلن فيه الخطوط العريضة والعناوين الكبرى للوطن الجديد وسط احتفالية وطنية كبيرة تعيد لليمن أمجاده وألقه ..! أعتقد أن هذه المراحل أو المحطات ستكفل مشاركة الجميع في الحوار بما في ذلك المقاطعون الذين يتمسكون بخيار فك الارتباط وفي مقدمتهم علي سالم البيض.. كما أن الحوار عبر هذه المراحل والمحطات الهامة وبهذه الصيغة سيقود حتماً إلى مخارج وحلول جذرية لجميع المشكلات الوطنية, حتى العصية والمعقدة منها .. أما العشوائية وحشر كل الأطراف على مائدة واحدة تعصف بها التناقضات والتقاطعات الحادة, وبدون أية رؤية واضحة أو خارطة طريق محددة المعالم، فإنها لعمري عملية عبثية قد تذهب بالجميع من العدم إلى العدم. [email protected]