نحن متفائلون رغم الاجواء الضبابية القاتمة.. والاعاصير الهوجاء العاصفة.. ورغم ما يحدث من اغتيالات ومؤامرات على اليمن ارضاً وانساناً ووحدةً.. الا اننا نؤمن ايماناً يقينياً ان من رحم المعاناة والازمات يولد الفجر اليماني الزاهي.. ومن جوف سواد الليل البهيم تشرق شمس صباحات اليمن الجديد.. مهما كانت الرياح عاتية.. والامواج متلاطمة لابد من بزوغ فجر ثوري مشرق حافل بإشراقات المنى.. وحامل نسائم وبشائر اليمن الجديد.. مهما تمادوا في غيهم وضلالهم وصلفهم وكبريائهم «فلا يحيق المكر السيء الا بأهله».. فلنكن متفائلين.. ولا خوف على اليمن.. «لأن نفس الرحمن من اليمن».. كما جاء في الاثر النبوي الشريف.. لماذا كل هذا الحقد والشحناء والبغضاء في ما بيننا؟!.. اذاً لابد ان نكون عقلاء وحكماء في ادارة شؤون خلافاتنا وأزماتنا وقضايانا مهما كانت من اجل مصلحة الوطن قبل ان نخربه بايدينا وأيدي أعدائنا.. ولنعلم ان الحياة مليئة بالمتناقضات.. فكل شهيد يسقط يرتوي ثرى الوطن من دمه لتشرق لنا حياة جديدة.. وعهد جديد.. وعمر مديد.. فللحرية ابواب متباينة لا تفتح الا بدماء الشهداء الابرار، والرجال الشرفاء الاوفياء الذين يقدمون أغلى وأسمى ما يمتلكون فداءً وتضحيةً لهذا الوطن العظيم.. لذلك لا يأس.. ولا استسلام للتحديات.. ولا للأزمات.. ولا للاغتيالات.. خاصةً اذا جاءت من فئة مأفونة ضالة مضلة وحاقدة على أبناء هذا الوطن العظيم الذي صنع تاريخاً وحضارةً وثورةً يتباهى بها بين العالم قاطبة.. فلا داعي لتهميش ادوار ومنجزات الآخرين مهما اختلفنا معهم في الرأي أو الفكر أو الوسيلة.. فإقصاء الآخرين عن أدوارهم وحقوقهم المكتسبة قانوناً ودستوراً وشرعاً لا يجوز في عرف وشرع الانظمة الديمقراطية الحقيقية التي تطبق الديمقراطية معنىً ومبنىً.. روحاً ونصاً.. من اجل إسعاد شعوبها ومجتمعاتها.. فمن الاخطاء الفادحة.. والممارسات اللامسؤولة.. اطلاق التهم جزافاً.. علينا ان نلتزم الحيادية والموضوعية والشفافية عند اتخاذ أي قرار -أياً كان- كي لا ننتهك حقوق الآخرين المعنوية والادبية والاخلاقية.. ونفتح باباً واسعاً للعابثين والواشين والمتمصلحين والمتآمرين الذين لا يسبحون الا في المياه الآسنة.. فلنكن صرحاء وأمناء عند طرح رؤانا وقضايانا، ونتقبل الرأي والرأي الآخر بصدور رحبة.. وقلوب متسامحة.. ونفوس عالية وأبية.. ولنعلم علم اليقين ان سياسة الترهيب او التهديد أو التخويف لن تحكم الشعوب ولا الافراد.. ولا الجماعات.. الى هنا يكفي ما عانينا في الماضي من شروخ وجروح لم تجف دماؤها حتى الآن.. رغم مرور خمسين عاماً من قيام الثورة اليمنية الخالدة.. كل هذه الافرازات السامة ناتجة عن الممارسات الخاطئة.. والقرارات العشوائية الصادرة من مراكز القرار والنفوذ التي توارثناها جيلاً بعد جيل منذ عقود وعهود حافلة بالصراعات والنزاعات.. فالدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات القائمة على النظام والمساواة والعدل واعطاء كل ذي حقٍ حقه.. دون تمييز او تفاضل في المواطنة او الحقوق.. فالمخرج من ازماتنا المتفاقمة يكمن في بعض هذه الرؤى والحلول المتواضعة التي تمثل لنا شعرة معاوية: إن جازلنا التعبير-: - اولاً: لابد من اصلاح اوضاع الدولة مالياً وادارياً وأمنياً.. لأن معظم الاختلالات المالية والادارية والأمنية مصدرها التهاون والتهادن لذلك لابد من فرض سيادة وهيبة الدولة.. - ثانياً: اصلاح التعليم بكافة انواعه لأنه مصدر القوة المعرفية والعلمية والثقافية للدولة، فإذا نزع سلاح العلم والتعليم تلاشت الامة.. وتهاوت الدولة.. - ثالثاً: محاسبة الفاسدين من النافذين الذين ثبت تورطهم في قضايا فساد مالي او اداري.. مهما كانت مناصبهم أو وضعهم القبلي أو العشائري أو الطائفي أو المناطقي.. وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم الرادع، ويكونوا عبرةً للآخرين. - رابعاً: معالجة اوضاع الذين تم اقصاؤهم عن وظائفهم في السابق اياً كانوا مدنيين او عسكريين أو أمنيين.. واطلاق كل المعتقلين في قضايا سياسية او حزبية او حقوقية ليس لها علاقة بالقضايا الجنائية.. - خامساً: لابد ان تكون السلطة القضائية مستقلةً تماماً عن السلطة التنفيذية، مالياً وادارياً وفنياً واشرافياً ومهنياً.. مع إقامة قنوات قضائية ونيابية مستقلة بعيداً عن الوصايا القبلية أو المشيخية أو المذهبية.. - سادساً: لابد من توفير فرص عمل للكوادر المؤهلة تأهيلاً عالياً، واستقطاب التخصصات النادرة، حتى تساهم في رقي ونهضة وتقدم الوطن.. وفتح مراكز خاصة للمبدعين من الشباب والنابغين لصقلهم ورفع قدراتهم العقلية والمهارية والابداعية لتسهم في صنع مستقبل يمن زاهر مشرق.. - سابعاً: دعونا لفهم قيم ومبادئ وتعاليم اسلامية مبنية على الوسطية والاعتدال وغرسها في عقول ونفوس شبابنا من الجنسين.. بعيداً عن الغلو والتطرف والتزمت والاستعلاء بالولاءات المذهبية، حتى يعيش أبناء الوطن الواحد من حوف الى الجوف في أمن وأمان وسلام.. - ثامناً: النأي بأوراق التعليم ومؤسساته بكافة فروعه وانواعه عن الصراعات السياسية والحزبية والمذهبية والطائفية والجهوية وغرس قيم ومفاهيم وطنية مستمدة من عقيدتنا وجوهر شريعتنا الغراء في عقول شباب الوطن وأن يكون ولاؤه لله.. ثم الوطن والثورة والوحدة.. - تاسعاً: معالجة توزيع المشاريع الخدمية والضرورية بين كافة المحافظات والمديريات النائية والمحرومة.. وضمان توزيعهاً توزيعاً عادلاً ومتوازناً مع بقية محافظات الجمهورية.. - عاشراً: معالجة اوضاع النازحين .. وكذا معالجة مشكلة اللاجئين من دول الجوار وخاصة من دول القرن الافريقي الذين يشكلون عبئاً ثقيلاً على اقتصاد وأمن واستقرار البلاد.. وهذه مسؤولية الجهات المختصة بالتنسيق مع الجهات الاقليمية والدولية لحصر اللاجئين الذين دخلوا البلاد بطرق غير شرعية، ويتم تسفيرهم فوراً حسب قانون الهجرة واللاجئين.. هذا فيض من غيض لمعالجة بعض القضايا الراهنة التي يعاني منها الوطن ومعظم أبنائه الذين مسّهم الضر في حياتهم المعيشية واليومية.. فالازمات لا تعالج بمزيد من المؤامرات والمزايدات بل بالحوار المسؤول الهادف دون غلواء أو غوغاء.. أما الذين في قلوبهم مرض «الفوبيا» فليموتوا بغيظهم وليعلموا أنًّ اليمن ليس تورا بورا..