وجد المجلس العسكري المصري وقد حشر نفسه في زاوية ضيقة بغروره وأخطائه الجسيمة، خاصة بعد عودة الملايين إلى ميدان التحرير والمدن المصرية بزخم أكبر ووحدة للثوار غير مسبوقة بعد أن اعتقد العسكري أنه استطاع امتصاص الثورة وتفتيت الثوار.. مشكلة العسكر أنهم يذهبون دائماً ضحية طمعهم بالسلطة معتمدين على طبيعة الأذية، إضافة إلى أنهم قد التزموا بعدم صعود مرشح الثورة أمام دول وقوى أجنبية منزعجة من غياب النظام القديم وترى أن صعود مصر الشعبية القوية سيعزز من دورها الإقليمي على حساب تلك الدول، وهذا صحيح مائة في المائة... بعض هذه الدول دفعت مليارات لضمان فوز شفيق وهي أموال إلى جانب أجهزة الدولة وحشد كل المستفيدين من نظام مبارك وهم كثر كافية لإسقاط مرشح الثورة بالراحة بالاستعانة بآلة إعلامية جبارة تخوف من البعبع الإسلامي وكأننا في (الفاتكان) وليس في مصر العروبة والإسلام، أضف إلى ذلك الانقلاب الذي مارسه المجلس العسكري بحل مجلس النواب المنتخب بهدف هد الروح المعنوية للثوار ومناصريهم.. كل هذا جعل أحمد شفيق يتحدث بثقة وغطرسة قبل الانتخابات، باعتباره فائزاً بأغلبية كاسحة، إلا أن النتيجة جاءت صادمة لكل هؤلاء وتحديداً (شفيق) الذي يؤكد البعض أنه قد دخل فعلاً في حالة من الكآبة وهو يتابع الفرز أول بأول ويجمع الأصوات كما فعل (مرسي) وقضاة من أجل مصر ومنظمات مدنية بحسب القانون الذي يلزم كل لجنة بالفرز الفوري والإعلان في كل لجنة والتوقيع على محاضر الفرز ويقتصر دور لجنة الانتخابات بالجمع نفسه والإعلان القانوني وهذا معمول به في كثير من الدول التي تعتمد الشفافية، وليس صحيحاً أن حملة (مرسي) أعلنت النتيجة قبل الفرز كما يردد بعض ( الغشمان) من عريضي القفا وطويلي الأذنين.. وإعلان غير هذه النتيجة لن يكون سوى انقلاب كامل من المجلس العسكري الذي يعلم قبل غيره أنه سيكون بمثابة انتحار من الصعب أن يقدموا عليه وقد يكتفوا بالإعلان الدستوري وحل مجلس النواب الذي يعد انقلاب إلا ربع.. بالنسبة لمرسي وقوى الثورة فقد لا يفرق الأمر عندهم كثيراً في ظل الإعلان الدستوري المقلص لصلاحيات الرئيس والمغتصب لصلاحيات البرلمان وبقائهم في الميدان وتصعيد الثورة وتنضيج البرنامج والخطاب سيلزمهم في كل الاحوال، حتى ينتزعوا الحق الشعبي كاملاً وربما يكونون بحاجة لهذه المعركة كي يطهروا الثورة من الشوائب والنواقص ومن يدري ربما تكون حماقة إعلان فوز شفيق يصب في صالح الثورة أفضل من الفوز المقيد لمرسي والثورات قد تكون بحاجة الى هذا النوع من المحرضات الحمقاء التي يقدمها المستبدون للثورة لكي تكمل مشوارها بما يفضي لإزاحة الكوابيس العسكرية وإعادتهم إلى ثكناتهم فبقاؤهم في السلطة سيجعل الثورة مهددة بصورة مستمرة وسيعيق الانتقال لتأسيس دولة حقيقية. [email protected]