هو السيناريو الانتخابي اللبناني وقد سلك طريقه في مصر، حيث تجلى مشهد "تبني الانتصار" بأبهى حلله مع إعلان المرشحَين "الرئاسيَين" الفوز بالانتخابات، كلّ على طريقته. ففيما لا تزال مصر تعيش ارتدادات ما بعد "الثورة" ووسط الحديث عن "انقلاب" على "الثورة"، مرّت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية على خير، وصوّت المصريون لمرشح من اثنين أولهما هو مرشح "الاخوان المسلمين" محمد مرسي وثانيهما هو آخر رئيس وزراء في عهد النظام السابق أحمد شفيق. وإذا كان إعلان النتائج الرسمية سيحتاج لأيام، فإنّ حملة المرشح "الاخواني" سارعت لاعلان "الانتصار" بل إنّ مرشحها ألقى خطاباً بدا وكأنه خطاب "التتويج"، قبل أن تسارع حملة شفيق ل"الطعن" بالاعلان وتوقع فوز مرشحها بنسبة تفوق ال52%!
"ثوار أحرار حنكمّل المشوار" هي صورة ربما لم يتمناها أبطال "الثورة المصرية" لأول انتخابات رئاسية حقيقية بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك. فأن يكون رموز "الثورة" خارج الصورة كلياً لينحصر التنافس بين مرشح "الاخوان المسلمين" محمد مرسي والمرشح أحمد شفيق، الذي لم يتردد البعض باعتباره مرشح "النظام"، ليس ما كان يبتغيه هؤلاء "الثوار" على الأرجح. وأن تحصل هذه الانتخابات في ظلّ "انقلاب دستوري" بعد "حلّ" البرلمان المصري هو أمر لم يكن أيضاً في الحسبان، وهو ما دفع البعض للتساؤل عمّا إذا كان "المجلس العسكري" سيعمد إلى إلغاء الانتخابات الرئاسية أيضاً إذا لم تأت نتائجها مطابقة لتطلّعاته وطموحاته، علماً أنّ بعض المراقبين رجّحوا أن تختلف الصلاحيات الرئاسية باختلاف صاحب المنصب. المهم أنّ الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية حصلت، لتتوّج بإعلان حملة مرشح "الاخوان المسلمين" محمد مرسي فوزه مع ساعات الفجر الأولى، إعلان سارعت حملة المرشح المنافس أحمد شفيق ل"الطعن" به. لكنّ مرسي لم ينتظر الاعلان الرسمي فألقى خطاباً، بدا أشبه ب"خطاب القسم" الذي يلقيه رؤساء الجمهورية عادة بعد فوزه. وفي كلمته، تعهّد مرسي بأن يكون رئيسا لكل المصريين قائلا "أتوجه إليهم جميعا بدون استثناء بالشكر والتقدير والعرفان والمحبة والحرص على أن نكون إن شاء الله يدا واحدة." وأضاف: "من قالوا نعم ومن قالوا لا (لانتخابي) كلهم أبناء مصر... كلهم لهم مكانة غالية في قلبي". وفيما أكد مرسي على أنه لن يسعى لتصفية حسابات أو انتقام وأنه سيقف على مسافة واحدة من جميع المصريين، أعلن أنه سيسعى لبناء دولة مدنية حديثة مستقرة. لكنّ إعلان مرسي الفوز لم ينزل لا برداً ولا سلاماً على منافسه أحمد شفيق الذي سارعت حملته لرفض هذا الإعلان، بل إنها توقعت فوز شفيق في نهاية الأمر بنسبة تصل إلى 53 في المئة من الأصوات. وفي هذا السياق، قال محمد بركة المسؤول في الحملة: "أؤكد لمحمد مرسي أن الشعب المصري لن يقبل أن يكون منصب رئيس الجمهورية بوضع اليد." وأوضح انه ليس من حق أحد سوى السلطات اعلان النتائج ولكن فرز حملة شفيق للاصوات حتى الان اظهر تقدم شفيق بحصوله على 52 في المئة من الأصوات ولكنهم يرفضون خرق القانون وإعلان أي أرقام الآن.
بين لبنانوسوريا.. إلى الساحة اللبنانية التي لم تشهد خلال عطلة نهاية الأسبوع أحداثاً "ساخنة" على غرار ما كان يحصل في أيام "الويك أند" السابقة، علماً أنّ الأنظار بقيت مشدودة نحو مخيّم نهر البارد في ضوء "الإشكال" الذي شهده يوم الجمعة الماضي بعد توقيف الجيش اللبناني لأحد الشبّان، ما أدى لحركة "اعتراض" غير مسبوقة انعكس "توتراً أمنياً" داخل المخيّم. إلا أنّ القيادات اللبنانية والفلسطينية عملت على تطويق الإشكال، الذي وصفه السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور ب"الفردي"، في حديث ل"النشرة"، أكد فيه أنّ الفلسطينيين لن يسمحوا لأحد باستدراجهم لتعكير صفو العلاقات اللبنانية الفلسطينية "الأخوية". وفي السياق الأمني أيضاً، برز توتر "محدود" عند الحدود اللبنانية السورية، حيث أفيد عن سقوط قذائف على منطقة البقيعة في وادي خالد والطريق العام وقرب الأمانة الجمركية عند معبر الريداني الحدودي مع سوريا. وأفاد مراسل "النشرة" أن الإشباكات بدأت منذ الصباح ثم هدأت ظهرا وعادت عند المساء، وأن أي قذيفة لم تسقط على الأراضي اللبنانية، وأن الإشتباكات حصلت داخل الاراضي السورية. وعلى الصعيد السوري، بقي التوتر سيّد الموقف في أعقاب قرار المبعوثين الدوليين "تعليق" دورياتهم، الأمر الذي مثّل "لحظة حرجة" في الأزمة السورية، بحسب التوصيف الأميركي. وقد تحدّث نشطاء في المعارضة السورية عن تكثيف الجيش السوري لقصفه لمدينة حمص خلال الساعات الماضية ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا وإصابة المئات، بحسب تقديرهم. وتتجه إلى الأنظار إلى المحادثات التي ستجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في المكسيك، وسط توقعات محدودة بأن يتمكنا من احراز تقدم فيما يتعلق بالموقف من الصراع على سوريا.
كلمة أخيرة.. تعيش مصر هذه الأيام مرحلة "استثنائية" و"تاريخية"، وسط أحاديث عن حاجة المصريين ل"ثورة" على "الثورة" بعد "الانقلابات" التي شهدتها خلال الساعات الماضية.. فمصر، التي تعيش فراغاً شرعياً ودستورياً، انتخبت رئيسها الأول بعد مبارك، وسط علامات استفهام كثيرة عن الصلاحيات التي ستُمنح لهذا الرئيس وعن الدور الذي سيكون منوطاً به، والأهم عن طريقة تعامل المجلس العسكري معه، وهو الذي يمسك بالسلطة في البلاد حتى إشعار آخر.