يعتبر الدعم الشعبي أو المقاومة الشعبية لإسناد أية حكومة أو نظام أو سلطة شكلاً من أشكال الولاء والتوحد بتلك السلطة، وقد وجدنا في لجان المقاومة الشعبية التي ظهرت في محافظة أبين دعماً لنظام الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني. وتتعدد أشكال المقاومة والدعم الشعبي لهذا النظام أو ذاك.. وفي التاريخ اليمني الحديث والمعاصر أمثلة كثيرة لتعدد أشكال المقاومة الشعبية سواء كانت مع النظام أو مع الشعب ضد النظام. وقد لعبت لجان المقاومة الشعبية دوراً كبيراً في هزيمة القاعدة أو من يطلقون على أنفسهم ب”أنصار الشريعة” في محافظة أبين وكذا الفكر المتطرف الذي يحملونه والدخيل على الإسلام. ولم تحقق لجان المقاومة الشعبية في محافظة أبين ذلك الانتصار إلى جانب قوات الجيش، إلا لأنها جاءت من بين صفوف الشعب وتمثل إرادة الأغلبية الشعبية، أي أنها تمثل الروح الشعبية الجماعية للمقاومة التواقة لاستئصال الظلم والقهر، سواء جاء ذلك القهر باسم الدين أو تحت أية مسميات أخرى. وظاهرة المقاومة الشعبية برزت في المحافظات الجنوبية والشرقية، وتمثلت بالحراك الشعبي السلمي ضد النظام الفاسد في صنعاء الذي كان يقوده الرئيس السابق علي صالح، إلى أن جاءت ثورات الربيع العربي، والأخيرة كذلك تمثل شكلاً من أشكال المقاومة الشعبية العربية ضد الأنظمة الفاسدة والمستبدة. وكانت قد وجدت في تعز جماعات مسلحة أطلقت على نفسها “حماة الثورة”، وهي شكل من أشكال المقاومة الشعبية المسلحة للحكم الفردي المستبد، وعملت على الحد من سفك دماء المواطنين والشباب الذين خرجوا في ثورة شعبية سلمية تطالب الديكتاتور الحاكم بالرحيل.. كما حدّت من القصف العشوائي والهمجي لمدينة تعز من قبل كتائب العوبلي وقيران وضبعان التابعة لنظام الحكم العائلي. كما لعبت جماعات “حماة الثورة” دوراً كبيراً في التخفيف من غلو وطغيان بعض الوحدات العسكرية التي خرجت عن إرادة الشعب ونذرت نفسها لخدمة الحاكم المستبد الظالم. ومن خلال استقراء تجربة لجان المقاومة الشعبية في أبين اتضح أننا بحاجة إلى ضرورة تكرار ظاهرة المقاومة الشعبية واستنساخها في أكثر من منطقة في اليمن لمواجهة الإرهاب والانفلات الأمني وضرورة دعم الدولة لها؛ لأنها تمثل الرديف الشعبي للقوات المسلحة والأمن في حفظ الأمن والاستقرار وإيجاد أرضية طبيعية للتنمية تساهم في إطلاق النشاطات التنموية على صعيد الجبهة الاقتصادية التي ستضمن الاستقرار للنظام والاتجاه نحو بناء الدولة المدنية الحديثة. ونحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى إطلاق المبادرات الشعبية ليس فقط على الصعيد العسكري والأمني، بل وفي مواجهة الفقر والبطالة، ولذا يجب على الدولة أن تشجع المبادرات التعاونية على الأصعدة الاقتصادية كإنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وجمعيات الاصطياد السمكية والاجتماعية الخيرية والاستهلاكية، فالشعوب تختزن طاقات كبيرة، ولديها الاستعداد للمواجهة ليس فقط على الصعيد العسكري والأمني، ولكن في مختلف الجبهات. وعلى الدولة في هذا الصعيد أن لا تلتزم بالقوانين المقيدة لحريات المبادرات؛ لأن هناك قوانين تحد من حرية الانطلاق والحركة، وتساهم في إرساء الجمود والتخلف كجزء من تركة النظام السابق، بل عليها أن تغيّرها وبسرعة من أجل المبادرات الإيجابية البناءة، سواء كانت على الصعيد العسكري والأمني أو على صعيد البناء والتنمية بدلاً من التسوّل أو انتظار الصدقات من الدول التي تدّعي حرصاً على اليمن ومستقبلها. وتذكرنا لجان المقاومة الشعبية في أبين بتجربة المقاومة الشعبية خلال حصار صنعاء في نهاية الستينيات من القرن الماضي، حيث لعبت تلك المقاومة دوراً كبيراً في كسر الحصار وإجبار قوى التخلف على التقهقر، وكذا تجربة الحركة التعاونية الخدمية التي نشأت خلال فترة حكم الرئيس اليمني الأسبق إبراهيم الحمدي؛ حيث شقت عشرات الآلاف من الكيلومترات من الطرق، وبنت آلاف المدارس ومئات المراكز الصحية، وكلها تجارب تعبر عن إرادة الشعب اليمني الحر وقدرته على تفجير الطاقات اللازمة لمكافحة الظلم والقهر والانحراف والتخلف.