لو أننا نفكر ونتحدث بعقل وطني رصين ورؤى عميقة متوازنة مستوعبة مصلحة الوطن مثل الزميل الأستاذ عارف الدوش لكنَّا اليوم قد تجاوزنا الكثير من مصاعبنا وعالجنا أشد مشكلاتنا تعقيداً، وخرجنا بوطننا إلى ضفة الأمان والاستقرار..! لكن مصيبتنا - يا عزيزي عارف - أننا لا نمسك بناصية الصراحة والصدق والموضوعية مع أنفسنا وشعبنا ووطننا، ودائماً ما ننطلق من أضيق الزوايا للتعبير عن آرائنا ومواقفنا..! ولأننا – للأسف - كذلك، لم يقرر الشركاء منذ أكثر من 18 عاماً من حرب 94م حتى مجرد الاعتذار لأبناء المحافظات الجنوبية، الذي تحدثت عنه أنت في مقالك (الاعتذار للجنوب وللمشروع المدني وليس للبيض) صحيفة الجمهورية الثلاثاء 19 يونيو الجاري..! ولن أتحدث عن سر تحفظ هذه الأطراف وعدم مبادرتها لتقديم الاعتذار حتى الآن.. وأترك الحديث لك عزيزي عارف كي تعطينا الإجابة..! أمّا أنا فقد قصدت من ذهاب الشيخ حميد الأحمر واللواء علي محسن ومعهم الزنداني والديلمي والإرياني إلى بيروت للقاء علي سالم البيض وتقديم اعتذار رسمي عن حرب 94م؛ لأنني أظن أن الاعتذار - كما أشرت أنت - يجبر النفوس ويطيب القلوب، وهذا في اعتقادي سيمهّد كثيراً للخطوات التالية التي ستكون في صيغ مختلفة للاعتذار والتعويض ومن ثم الحوار..إلخ. لكن علينا أن نعترف - عزيزي عارف - أن علي البيض هو صاحب المشروع الحضاري المدني الديمقراطي - الذي طلبت أنت الاعتذار له - من خلال موقعه على رأس الحزب الاشتراكي اليمني حينها، وهو الرئيس الشرعي للجنوب الذي وقع على الوحدة..هذا الجنوب - الذي طلبت أنت الاعتذار له - وأن الحرب على البيض كانت في الأصل حرباً على هذا المشروع الذي جاء به، وجعل شركاء الحرب (الدينيين والقبليين والعسكريين) يعتقدون أنه يهددهم ويهدد مصالحهم ونفوذهم؛ لإدراكهم أن الدولة المدنية هي نقيض متقاطع مع وجودهم ونفوذهم ومصالحهم..! وعلينا أن نعترف أيضاً أن علي البيض هو محقق الوحدة، وبدونه ما كان يمكن أن تتم الوحدة - كما قال الأستاذ محمد سعيد عبدالله محسن - وأزيد لمعلوماتك أنني شهدت مواجهة عنيفة في لقاء بردفان جمع البيض وقيادات عسكرية دخل معها في مشادة ساخنة، واختتمها البيض بالقول: سأذهب لأعلن الوحدة وافعلوا ما برؤوسكم..! وقد فعل وذهب بالدولة والجيش والمؤسسات والأرشيف السياسي والاستخباراتي للجنوب وسلمها لدولة الوحدة..! وعلينا أيضاً أن نعلم أن علي البيض لايزال الأكثر تأثيراً وشعبية على مستوى محافظات الجنوب، ولايزال رقماً حاضراً يصعب تجاهله أو تجاوزه، من منطلق الحرص على عدم الدخول في صراعات ومواجهات قادمة. - هذه بعض الحقائق - وليس كلها - يجب ألاّ نغفلها.. ويجب أن نكون صادقين مع أنفسنا وواضحين مع شعبنا.. ودقيقين وموضوعيين في مساعينا للعبور بالوطن إلى بر الأمان..! - أعتز كثيراً بآرائك عزيزي عارف الدوش.. وأقرأ لك دائماً..! [email protected]