استبشرنا خيرا بإنشاء مجلس الاعتماد الاكاديمي وضمان الجودة وتعيين استاذنا القدير الدكتور عبد اللطيف حسين حيدر الحكيمي رئيسا للمجلس بالقرار الجمهوري رقم (66) لسنة 2012م . وهو شخصية اكاديمية وإدارية مرموقة وغنية عن التعريف لما يتسم به من معارف ومهارات ادارية وأكاديمية وما يتسم به من خلق رفيع وتواضع جم جعل منه محل اعجاب وتقدير جميع من تعامل معه او تعرف عليه او عمل تحت ادارته داخل اليمن وخارجها . لكن السؤال الذي يضع نفسه كيف يمكن لهذا المجلس ان يقوم بدوره المنشود في ظل الواقع الحالي لجودة التعليم العالي في الجمهورية اليمنية و التحديات التي تواجه مجلس الاعتماد الاكاديمي وضمان الجودة في هذا الجانب ؟ فبالرغم من زيادة وانتشار مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية والخاصة في بلادنا خلال السنوات الاخيرة في كافة ربوع وطننا اليمني الحبيب , إلا ان هذا الانتشار الكمي لم يرافقه أي تميز وتطور نوعي في جودة الاداء والبرامج الاكاديمية والخدمات التعليمية في مختلف مؤسسات التعليم العالي في بلادنا !! فالبرامج الاكاديمية في معظم مؤسسات التعليم العالي ببلادنا وخاصة الحكومية متقادمة ومتشابهة ومكررة لا تواكب روح العصر او متغيرات الواقع ومتطلبات سوق العمل . والأداء الاداري والأكاديمي والبحث العلمي في معظم هذه المؤسسات بعيداً جداً عن معايير ومتطلبات الجودة والاعتماد الاكاديمي , والبنية التحتية والإنشائية والتكنولوجية ضعيفة جدا في مختلف هذه المؤسسات ,,,, وغيرها من المعوقات مما يجعلنا نتساءل بقوة : كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في جامعاتنا الحكومية في ظل افتقار معظم هذه الجامعات إلى العديد من عناصر البنية التحتية اللازمة لممارسة الأداء الأكاديمي بشكل فعال من تجهيزات ووسائل تعليمية ومستلزمات ...الخ ؟ كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في ظل وجود فئة ليست قليلة من أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا الحكومية مر على تعيينهم سنوات عديدة لم ينتجوا خلالها بحثا علميا واحدا او كتابا واحدا على الأقل ويفتقر بعضهم لأبسط مهارات الأداء الأكاديمي واستخدام الوسائط المتعددة في التعليم , ويعلم الله وحده والراسخون في المناصب الإدارية والأكاديمية بالجامعات الحكومية كيف تم تعيينهم ؟ كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي دون توافر معايير وأسس واضحة ودقيقة لإعداد وتصميم وتقييم البرامج والمقررات الدراسية وتقييم الأداء الأكاديمي لعضو هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بحيث يكون الطالب الجامعي عنصرا أساسيا ومهما فى عملية إعداد وتقييم البرامج والمقررات الدراسية باعتباره متلقي الخدمة التعليمية والعنصر الأساسي لمخرجات الجامعة ؟ كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في ظل ضعف الاهتمام بالبحث العلمي بجامعاتنا الحكومية والقصور فى دعم وتشجيع أعضاء هيئة التدريس على البحث والتأليف وغياب الشراكة المجتمعية الفعالة في هذا الجانب بالإضافة إلى ضعف الاهتمام بدعم ورعاية الأنشطة الطلابية وتشجيع ورعاية المبدعين والمتفوقين من طلاب الجامعات في شتى المجالات ؟ وختاما أود التأكيد بأنني بهذه التساؤلات لا اقلل مطلقا أو اغفل الجهود الكبيرة والملموسة والمتميزة التي يقوم بها معالي وزير التعليم العالي وبعض قيادات الجامعات اليمنية في اتجاه تحسين وتطوير جودة التعليم العالي في الجامعات اليمنية , لكنني فقط أتطلع من خلالها إلى التذكير بضرورة توفير المتطلبات الضرورية والأساسية لتحقيق جودة التعليم العالي في جامعاتنا بحيث تمثل بداية انطلاقة حقيقية نحو تطبيق معايير الجودة العالمية والاعتماد الأكاديمي في الجامعات اليمنية . والله من وراء القصد *أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز