دشنت وزارة التعليم العالي في الأسابيع الماضية مشروع تحسين جودة التعليم العالي بدعم وتمويل من البنك الدولي بمبلغ 13 مليون دولار , وهو المشروع الثاني الذي يتم تمويله من البنك الدولي بعد تمويله البرنامج الأول بمبلغ خمسة ملايين دولار والذي نفذ في عدد من الجامعات الحكومية لتحسين أدائها المهني . وبحسب ما فهمته من كلمة معالي الأستاذ الدكتور صالح علي باصرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حفل التدشين فإن هذا المشروع يشمل خمسة جوانب أبرزها دعم وتطوير البرامج الدراسية والدراسات العليا في الجامعات الحكومية والبالغ عددها 12 برنامجا, وتطوير ومساعدة مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة الذي تم إنشاؤه مؤخرا لبناء ذاته فضلا عن تنمية قدرات وزارة التعليم العالي وإدارة مشروع تحسين جودة التعليم العالي . ولأني من المهتمين والباحثين في هذا المجال والمعايشين لواقع وتحديات التعليم العالي في وطننا الحبيب بحكم عملي كعضو هيئة تدريس بجامعة حكومية , فإنني أضع بين يدي معالي وزير التعليم العالي وقيادات الوزارة والجامعات الحكومية بعض التساؤلات المهمة المرتبطة بموضوع جودة التعليم العالي في جامعاتنا الحكومية ومشاريع تحسينها متمنيا أن تلقى أسئلتي جزءا من اهتمامهم ! أول هذه التساؤلات: ما هي المؤشرات الفعلية التي تحققت في عملية تحسين الأداء المهني بالجامعات الحكومية والمستهدفة في البرنامج الأول المدعوم من البنك الدولي بمبلغ خمسة ملايين دولار ؟؟ وهل هناك خطة عمل تفصيلية وآليات واضحة ومحددة يمكننا كعاملين في الجامعات الحكومية معرفتها والاطلاع عليها حول كيفية وجوانب استغلال مبلغ التمويل الحالي المخصص لمشروع تحسين جودة التعليم العالي من البنك الدولي ؟! ثانيا : كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في جامعاتنا الحكومية في ظل افتقار معظم هذه الجامعات إلى العديد من عناصر البنية التحتية اللازمة لممارسة الأداء الأكاديمي بشكل فعال من تجهيزات ووسائل تعليمية ومستلزمات ...الخ ؟! ثالثا : كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في ظل وجود فئة ليست قليلة من أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا الحكومية مر على تعيينهم سنوات عديدة لم ينتجوا خلالها بحثا علميا واحدا أو كتاباً واحداً على الأقل ويفتقر بعضهم لأبسط مهارات الأداء الأكاديمي واستخدام الوسائط المتعددة في التعليم , ويعلم الله وحده والراسخون في المناصب الإدارية والأكاديمية بالجامعات الحكومية كيف تم تعيينهم ؟! رابعا : كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي دون توافر معايير وأسس واضحة ودقيقة لإعداد وتصميم وتقييم البرامج والمقررات الدراسية وتقييم الأداء الأكاديمي لعضو هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بحيث يكون الطالب الجامعي عنصرا أساسيا ومهما في عملية إعداد وتقييم البرامج والمقررات الدراسية باعتباره متلقي الخدمة التعليمية والعنصر الأساسي لمخرجات الجامعة ؟؟ خامسا : كيف يمكن تحقيق جودة التعليم العالي في ظل ضعف الاهتمام بالبحث العلمي بجامعاتنا الحكومية والقصور في دعم وتشجيع أعضاء هيئة التدريس على البحث والتأليف وغياب الشراكة المجتمعية الفعالة في هذا الجانب بالإضافة إلى ضعف الاهتمام بدعم ورعاية الأنشطة الطلابية وتشجيع ورعاية المبدعين والمتفوقين من طلاب الجامعات في شتى المجالات ؟! وختاما أود التأكيد بأنني بهذه التساؤلات لا أقلل مطلقا أو أغفل الجهود الكبيرة والملموسة والمتميزة التي يقوم بها معالي وزير التعليم العالي وبعض قيادات الجامعات الحكومية في اتجاه تحسين وتطوير جودة التعليم العالي في الجامعات , لكنني فقط أتطلع من خلالها إلى التذكير بضرورة توفير المتطلبات الضرورية والأساسية لتحقيق جودة التعليم العالي في جامعاتنا الحكومية بحيث تمثل بداية انطلاقة حقيقية نحو تطبيق معايير الجودة العالمية والاعتماد الأكاديمي في الجامعات اليمنية . والله من وراء القصد. (*) أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]