هل يحضر الثلاثة الكبار مؤتمر الحوار الوطني، إنهم إذا لم يحضروا فقد تركوا الساحة نهباً لأصحاب الأهواء والآراء غير الناضجة إن لم يحضر الثلاثة الكبار فسوف تمتلئ الساحة بالصغار ممثلين لجهات لا تريد الاستقرار لليمن ولا تريد الخير لها، فإن لم يحضر الثلاثة الكبار، فسوف تترك قاعة المؤتمر “وكالة بدون بواب” يفد إليها كل من هب ودب باسم الديمقراطية وبحجة إعطاء الفرصة للجميع مع أن من أمثالنا:«إذا كثر الطباخون فسد المرق». لابد أن نعلم أن هناك من سيحضر مؤتمر الحوار الوطني بعقلية “المبارز” أو عقلية مجالس القات، وربما لا يفرق بعضهم بين أسلوبهم في التعامل مع من حوله في قاعة محكمة من محاكمنا الموبوءة بالمتخاصمين وأدعياء الحق ومزوري الوثائق والوقائع بقصد تضليل العدالة والانتصار للخصم ولو كان على باطل وبين أسلوبهم في التعامل مع قضية اليمن كلها، قضية لا تحتمل في التعامل معها سوى الصدق والإخلاص والأمانة قضية الحوار الوطني لا تحتمل الكذب في القول ولا المكر في القلب ولا الدهاء الخبيث في التفكير، لا تحتمل اللف والدوران ولا اللعب بالبيضة والحجر، هي من القضايا التي يفسدها أن يتصدى المتحاورون لحلها بمنطق “الحاوي” لأنها من الحساسية ورقة المشاعر والشفافية والبراءة تحتاج في التعامل معها إلى حكمة اليمنيين وإلى مافي قلوبهم من رقة في القلب ولين في الطباع بعيداً عن الخشونة وغلظة الطباع التي اكتسبوها عبر السنوات، بسبب ظروف الفقر والمجاعات وقسوة الحكام الذين ظنوا خطئاً أن القسوة والشدة وتجويع الناس تضمن لهم البقاء في سدة الحكم.. كان الحكام بعيدين عن الناس قدر بعدهم عن الله تعالى الذي قال: موجها الحكام “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” . لقد أخطأ الحكام عبر العصور في التعامل مع شعوبهم، لأنهم حادوا عن تعاليم الله وحادوا عن الصواب، وعن صراط الله المستقيم، فأخذوا يؤثرون أنفسهم وأقاربهم وأعوانهم وعملاءهم الذين كانوا يطرونهم ويرفعونهم فوق ما يستحقون ولم يتركوا لعامة الناس سوى الفقر والجهل والتخلف، ولكي يكونوا منصفين جعلوا التخلف مناصفة بينهم وبين شعبهم، بل ربما فاقوا شعبهم تخلفاً أو ربما كانوا فيه سواء، لكن الشعب ليس شخصاً واحداً وإنما الملايين من البشر فإذا جاز أن يوصف القليلون منهم بالتخلف فهناك الكثيرون غيرهم ممن يتصفون بالفطنة والذكاء والقدرة على إدارة شئون البلاد بفعالية وكفاءة لكنهم يجدون الحاكم لهم بالمرصاد، إلى درجة أن الحاكم ومن حوله يشغلون أنفسهم بمراقبة الكفاءات والقدرات، فما أن يجدوا واحداً تتوفر فيه شروط النبوغ حتى يسارعوا إلى إعاقته والحيلولة دونه ودون أي منصب أو وظيفة عالية المستوى، هذه سياسة خرقاء أو حمقاء بحيث تجعل من الحاكم وأعوانه معاول هدم يحولون بين بلادهم وبين نهوضها أو تقدمها من أجل أن يحافظوا على بقائهم في سدة الحكم إلى الأبد. عندما أهبط بآدم إلى الأرض، جاءه جبريل عليه السلام وقال له: يا آدم: إن الله يأمرك أن تختار واحداً من الثلاثة: قال آدم: ماهم؟ قال: العقل والإيمان والحياء. فكر آدم ملياً، واحتار في الأمر.. لكنه حزم أمره وقال: أختار العقل، قال جبريل للإيمان والحياء: لقد أختار آدم فهيا معي أنتما الاثنان، قال الإيمان: لقد أمرت أن أكون حيث يكون العقل، فلا أستطيع تركه، وقال الحياء: لقد أمرت أن أكون حيث يكون الإيمان ولا أستطيع ترك الإيمان أو العقل قال: لكما ما تريدان، هؤلاء هم الكبار الثلاثة الذين تزدان بهم المجالس، فحيثما حلّوا حل الوئام والسلام وحلت المحبة والوئام والألفة والتسامح بين الناس، فهل يحضر الثلاثة الكبار مؤتمر الحوار الوطني؟ أم يتركون الأمر للصغار؟ فمن هم الصغار إذن؟ إنهم كل الذين يحملون في رؤوسهم مشاريع انفصالية بحجج وذرائع مكشوفة لا تستطيع إخفاء معالم القبح الذي يؤججه في نفوسهم ما يضطرم فيها من أحقاد وأطماع وعلل نفسية، أما الذين يتحدثون عن أخطاء الماضي وما حصل من سوء إدارة أو من نهب للحقوق فإن لهم الحق في أن يأخذوا كل الضمانات أن لا يتكرر ماحصل لا في الجنوب ولا في الشمال، ولكن أن يتخذ ذلك ذريعة للانفصال، فإن ذلك خيانة ما بعدها خيانة لله والوطن والأجيال إلى قيام الساعة، وإن شئتم فليحضر من شاء ولكن “ليقول خيراً أو ليصمت”. هناك من يقول: نحن وحدويون، ولكننا “خلاص” جربنا الوحدة وفشلنا وليس أمامنا الآن إلا الانفصال!!يا سبحان الله!! كأنهم يتحدثون بمنطق جابر الربح وسالم أبو خفين اللذين اشتركا في فتح «مخبازة» أو“بقالة” فقررا فسخ الشراكة!! ياهؤلاء: لا تجعلوا العالم يزدرينا ويسخر من عقولنا، فاليمن ليست “مخبازة” ولا بقالة، ولا شركة مساهمة تقيمونها متى شئتم أو تعصدونها أو تلفونها!! اليمن، حضارة وعزة وكرامة ومستقبل الأجيال النظيفة والنقية التي ستأتي بعدكم، فلا يتآمر عليها إلا كل خسيس ندعو الله عليه أن يمحقه ويسلط عليه ذنوبه وسوء أفعاله ليترك هذه الدنيا ملعوناً مطروداً من رحمة الله، يتبرأ منه أهل اليمن ويتبرأ منه الشجر والحجر والصحارى والبحار إلى يوم البعث، يوم يقوم الناس لرب العالمين.