بمطرقة طروحات الوعي الوطني الجديد يتوجب فلق وتهشيم كل الأفكار النابعة من جماجم الوعي الماضوي الهرم. ما لم فإن كل ما يحدث في مجتمعات الثورة حالياً ليس أكثر من مراوغات تقليدية تفضي إلى طرقات مسدودة على أكثر من مستوى سياسياً وثقافياً واجتماعياً. والحال أن حلم تغيير بنية الدولة والشعب يبقى محكوماً بانفتاح الآفاق الموضوعية على هذا الوعي المبدع من خلال توفر أساسيات التطور والتقدم والنهوض. وأكرر:”توفر الأساسيات الأقل على الأقل” ثم المراكمة الدؤوبة عليها بدلاً من التأكيد على ما تعودنا عليه من الهدر والتضييع لفرص تاريخية لا تتكرر بسهولة، فيما تنطوي على ذلك حالياً قيمة فارقة كقيمة الثورة بشكل عام؛ كونها - رغم كل ما تعانيه من معوقات تمنعها من إحداث التغيير -لازالت تمثل فرصة مثالية لعدم إعادة إنتاج الخيبات المجتمعية التي كما لو أننا جبلنا عليها للأسف منذ عقود. على أن نجاح هذه العملية الضرورية صار يفرض بشدة أن نكون على اتساق تام وإرادة التغيير - خصوصاً بعد كل الصدمات المتتالية التي قادتنا إلى فعل الثورة – ما يعني أن على كل جماعات التغيير السير الفعلي خطوة بخطوة وككتلة متجانسة - كما عبر أكثر من موقع بالطبع - باتجاه تنمية وعدم تضييق فسحات الأمل التي ستصبح ممكنة بل ذات قابلية قصوى للتطويع وللإرضاخ كلما قررنا الإصرار وعدم التنازل عن خوض مرحلة التأسيس المأمول لعقل وطني حديث وخلاق وحيوي. لذلك لابد أن نحتاج إلى كل المناقدات والمراجعات والتجاوزات الجريئة التي من المهم أن تكون بمسؤولية فائقة من أجل خلخلة المفاهيم والتصورات والظواهر البليدة التي ترسخت، في حين سنعتبرها جراء احتوائها على قيمتي الهدم والبناء في آن زوادتنا التي لن نتنازل عنها بمقابل إدراكنا لضرورتها الملحة الآن، على اعتبار أنها الكيفية الناجعة التي كنا نعمل على فقدانها كمخبولين خلال العقود الماضية، وباستطاعتها في المستقبل المنظور تحقيق مهمة قطع أشواط مبشرة ترسيخاً للقدرة على صياغة طموحات التحرر من الصنمية التي لا تُحتمل وصولاً بالتالي إلى التمكن المشجع من صنع عديد تحولات منشودة داخل الوعي الجمعي المجتمعي الذي يكاد تماماً أن يتخرب، والسبب طغيان الاحتيالات الرثة في الوعي المأزوم البائد الفارض وضعه على تطلعاتنا بإمعان عجيب.