رمضان شهر واحد في العام كله شهر يمنح فيه الله تعالى المسلمين فرصه نادرة ليتقربوا إليه بقلوبهم قبل حركاتهم ويبسط الله عليهم رحمته وغفرانه . ما يجعله فرصه يجب أن لا تفلت من بين أيدينا . لذلك لابد أن يقوم كل واحد منا بوزن كل دقيقة من حياته بميزان الإسلام فإن وافقته حمد الله على نعمة الهدايه والتوفيق . وإن خالفته فعليه أن يتوقف بسرعة من اجل تعديل المسار الحياتي وتغييره قبل فوات الأوان . لابد أن يستفيد المسلم من شهر رمضان الكريم فيجعل منه محطة يريح فيه قلبه من عناء الدنيا والاستغراق فى مادياتها . ليقف كل واحد منا مع نفسه وقفة محاسبة ومراجعة. يواجهها بأفعالها مواجهة حقيقية . ويطرح عليها أسئلة صريحة . فيسأل نفسه ما مدى قربي من الله تعالى في حياتي العملية والأسرية والاجتماعية. هل حقا ابتعدت عن مغريات الدنيا فلا يدخل جيبي إلا المال الحلال .هل فعلاً أتحرى الصدق في قولي وفي عملي . . هل حقا أنا ملتزم بأخلاق الإسلام وقيمه وتعاليمه في حياتي. هل حقا أن قدوتي في ذلك محمد صلى عليه وسلم. لابد أن نكون صادقين مع أنفسنا لأن اشد أنواع الخيانة بشاعة خيانة الذات والتدليس عليها .. إن المحاسبة الناجحة هي الطريق إلى التذكير والإفاقة المندرجة في قوله تعالى فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين . التي يتبعها مرحلة التعديل فلا تبقى الأخطاء والمعاصي التي اقترفناها على حالها و هنا سنصل إلى مرحلة التوبة والندم والعزم على عدم العودة , . فالتوبة تعني تعديل المسار المعوج في حياتنا وفتح أبواب المغفرة وانتقال الإنسان الى حياة جديدة في رحاب رضى الله تعالى وطاعته . لكي تكون التوبة ناجحة لابد أن يكون لها عمل صالح يؤكدها ويغسل عن النفس أدران المعاصي ويزودها بطعم الطاعة وحلاوتها الذي تسعد به النفس البشرية .. والتوبة الصادقة تحتاج إلى قوة وإرادة ومصداقية مع النفس و قبل كل ذلك رضى الله وتوفيقه . فالهداية منة عظيمة أمتن الله بها على من يشاء من عباده . لذلك لابد علينا من الالتجاء إليه تعالى بالرغبة الصادقة والخوف الصادق من النار والتوق الشديد إلى الجنة والإلحاح عليه بالدموع الساخنة . لكي يشملنا بالهداية ويوفقنا إليها .ولابد علينا من المداومة على الاستغفار لأنه يذهب عن النفس الكثير من الحزن والأسى ويبدله استشعاراً ورضى . ليكن رمضان هذا الذي بلغنا الله اليه بداية التجديد في حياتنا لابد ان نعمل على استغلال فضائله والاستفادة من أوقاته المباركة . فلا يدري الواحد منا هل سيبلغ رمضان غيره . ليكن رمضان هو الثورة الحقيقية التي ننتصر بها على أنفسنا ونحررها من الذل والخضوع ولاستكانة والخوف وتقديس الاشخاص والجماعات وإعلان العبودية المطلقة لله تعالى .. لأنه إذا تغيرت نفوسنا تغيرت احوالنا وتبدلت أوضاعنا فا الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ...