إنه أغسطس يا عبدالرقيب عبدالوهاب. إنه الشهر الذي يفزعني على نحو غريزي. هل بالفعل “زلجت الجمهورية” من حينها؟ أجهش الآن جراء شعوري بأنني خُذلت معك ونُفيت معك كما سُحلت معك أيضاً في شوارع صنعاء أيها البطل. كيف قاومت أيها النقيب.. وأصحاب الرتب الكبيرة من القيادات والضباط فرت كالجرذان من المعارك ثم عادت لتمارس بطولتها الطائفية عليك.. كيف كنت مكللاً بجذوة الشرف والوطنية كلها وسط هذا المستنقع الانتهازي المفعم بالخونة والجبناء؟ هل تصدق أن مذكراتهم الآن هي من تتصدر المشهد؟! أحدهم قرأت له يستنتج أنك ستكون عائقاً أمام تصالح الجمهوريين مع الملكيين، ولذا لابد من إزاحتك (على أساس أنهم الجمهوريين طبعاً مع عبدة الاستبداد والزلط إلى اليوم) مع ذلك كان صريحاً فيما يضمرونه لك حينها.. ولقد حققتم انتصار الثورة آنذاك لكنهم سرعان ما تصالحوا على جثثكم الطاهرة! قبل أيام قال لي رفيقك البطل علي سعيد شعنون الذي عرفته شوارع صنعاء مثلك مدافعاً صلباً وفذاً عن الجمهورية بأنه لم يشعر بالعزة منذ رحلت وبأنه لم يسمع عبارة تخلب فؤاده مثل وصف: “أصحاب عبدالرقيب”. من يصدق أن علي شعنون - مدرب اللواء العاشر - ظل ينجو من مكائد الاغتيالات بأعجوبة تلو أعجوبة بعد رحيلك، وهاهو اليوم يتأمل فقط غير مصدق كل ما حدث ولا يمتلك من هذه الحياة سوى بسمته التي لا أنقى منها رغم كل مرارات الواقع اللامعقولة! عمنا علي الذي كانت سيرته تجري على كل ألسنة الناس في صنعاء حينها - جراء مظهره الجليل خصوصاً حين يكون بالميري فيكون أكثر تميزاً من بين الجميع - فيما عرف عنه بأنه كان يقاتل ببندقيتين في آن واحد أثناء المعارك.. عاش صامتاً وغريباً ومشرداً، لكنه لم يشفى أبداً من مرض الوطن الرائع صدقني. لن أزعجك عموماً فمازلنا نحلم بالسعادة الوطنية يا بطل حرب السبعين. والسلام على روحك التي لا تموت. السلام على روح الأصيل الشيخ أحمد علي المطري الذي صان جثتك، بينما كانوا ينصّرون ويرقصون عليها. السلام على روح كل الأبطال الذين عشقوا هذه البلاد الوقحة بكرم لا أنبل منه ياعبدالرقيب. إن نظراتك الطفولية الشجاعة تقول الكثير أيها الحالم الفاتن الأكثر ألفة.