ذكاء أم النَّوار بنت مالك رضي الله عنها هي أم زيد بن ثابت رضي الله عنه ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضت عليه إمكانات ولدها وما يمتلكه في غير مجال الجهاد والحرب، اختبره صلى الله عليه وسلم وسمع منه، ولما علم قدراته وطاقاته قال له: أذهب فتعلم لغة اليهود، فإني والله ما آمنهم على كتابي”. فذهب زيد وتعلم لغة اليهود في أقل من سبع عشرة ليلة!! ولعله كان عنده بعض الخلفية عنها، واستطاع خلال تلك الفترة الوجيزة أن يتم تعلمها وإتقانها. وبعد ذلك جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتبة الوحي، حتى أنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أوكل إليه أبوبكر رضي الله عنه مهمة جمع القرآن وكان عمره وقتئذ ثلاثاً وعشرين سنة. فلكم نبغ ذلك الطفل!! ولكم أفاد الأمة الإسلامية “د. راغب السرجان” وكان ذلك ثمرة أم مسلمة استطاعت أن تهب الأمة أعظم ثروة.. فتُرى إذن: كم يكون أجرها ومكافأتها عند الله؟! نقول: سيكون أجرها عند الله عظيماً إن شاء الله، بقدر ما سيكون الوزر عظيما والعقاب شديداً وفادحاً لتلك الأم التي أنجبت ظالماً أو سفاحاً قام بسفك الدماء وتدمير المنشآت وتخريب دور التعليم والعبادة وتعطيل الأعمال وإنهاك الاقتصاد وكان سبباً في الكوارث التي حاقت بالبلاد والبؤس المخيم على العباد!! فكم هوا الفرق شاسعاً بين الأمهات اللاتي أنجبن عظماء الأمة والأمهات اللاتي أنجبن سفهاء الأمة أكثرهم في زماننا هذا!! وهناك أيضاً أم “ربيعة الرأي” شيخ الإمام مالك. تبدأ قصتها منذ أن خرج زوجها فرُّوخ في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية، وترك ربيعة حملاً في بطنها، لتقوم هي على تنشئه وتربيته وتعليمه، وقد ترك عندها ثلاثين ألف دينار.. ولما رجع بعد 27سنة، دخل مسجد المدينة فنظر إلى حلقة وافرة، فأتاها فوقف عليها، وإذا فيها مالك والحسن وأشراف أهل المدينة، ولما سأل عن صاحب هذه الحلقة أجابوه بأنه ربيعة بن أبي عبدالرحمن “ابنه”!! فرجع إلى منزله وقال لزوجته وأم ولده “لقد رأيت ولدك على حالة ما رأيت أحداً من أهل العلم والفقه عليها” فقالت له: فأيهما أحب إليك: ثلاثون ألف دينار، أم هذا الذي هو فيه؟ فقال: لا والله بل هذا فقالت: أنفقت المال عليه، قال: فوالله ما ضيعته!