عدن.. اشتباكات مسلحة في التواهي بعد اقتحام قوات تابعة للانتقالي للسوق وإصابة شخص بجروح خطيرة    اكتشاف 4 نجوم تدور حول بعضها البعض في انتظام بديع    القوات الخاصة البريطانية تنفذ عمليات سرية ضد روسيا    70 قتيلا وجريحا بانفجار شاحنة وقود في نيجيريا    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    كلمة في وداع د. محمد الظاهري    مسلحون يهربون سجين من قسم شرطة بعدن    مأرب.. إعلان رسمي عن انشقاق قيادي عسكري من قوات صنعاء    الأمم المتحدة: نأمل مغادرة موظفينا الأجانب المجمع السكني بصنعاء    نقابة المحامين اليمنيين تكلف لجنة لمتابعة قضية اعتقال المحامي صبرة    مانشستر سيتي يتخطى فياريال بثنائية نظيفة في دوري أبطال أوروبا    قراءة تحليلية لنص "قسوة وطفولة معذبة" ل"أحمد سيف حاشد"    برشلونة يكتسح أولمبياكوس بسداسية في دوري أبطال أوروبا    دوري أبطال الخليج للأندية: تضامن حضرموت اليمني يصدم الشباب السعودي    نائب وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن    النائب المحرمي يشيد بإنجاز الحملة الأمنية في لحج ويؤكد استمرار مواجهة التهريب    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح    مناقشة مستوى تنفيذ المشاريع التنموية في خطة محافظة صنعاء    انطلاق مسابقة ومهرجان الشعر الرابع لطلبة الجامعات وكليات المجتمع    الصناعة والتجارة والنقل البري تبحثان في عدن تعزيز التنسيق المشترك وترسيخ العمل المؤسسي    وزير الداخلية: الأعمال الارهابية لن تُثني الأجهزة الأمنية والعسكرية عن أداء واجبها الوطني    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    خلال ترأسه اجتماعا للجنة الأمنية.. وزير الدفاع يشيد بالنجاحات التي حققتها شرطة تعز    الشؤون الاجتماعية تدين انتهاكات المليشيا وتدعو المنظمات لنقل مقراتها إلى عدن    احتجاجات غاضبة في عدن عقب انهيار كامل للكهرباء وتفاقم معاناة السكان    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    فريق تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم الشباب السعودي في كأس الخليج للأندية    مرتبات الفرقة الأولى 3 أشهر بالدولار    بن بريك: مغامرة إصلاح إقتصادي في ظل أزمة وفساد    البيت الأبيض يحاول منع نتنياهو من الانسحاب من اتفاق غزة    القانون يطبق على الجميع    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    عرض أزياء يمني في ماليزيا    رباعية تمنح الأهلي أكبر فوز على الفرق القطرية    برشلونة يمنح ألفاريز السعادة في أتلتيكو    دورة أوساكا.. ليلى تقصي تيريزا وتتوج باللقب    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    هم لدينا وديعة فقط.. وتهمتهم التواصل مع منزل    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    مرض الفشل الكلوي (24)    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن طريق الخروج من الظلمات (55)
نشر في الجمهورية يوم 12 - 08 - 2012

يمكن القول بأن القرأن تعامل مع السوق وفقا لمبدئه المشهور وهو الحكم على بعض الموضوعات بحسب المقارنة بين منافعه ومضاره، و اذا ما طبقنا هذا المبدأ على مؤسسة السوق في التاريخ ومؤسسة السوق في الحاضر فسنجد ان معظمها كانت مضاره اكبر من نفعه، فقط في حالات قليلة كانت منافعه تزيد عن مضاره، ولذلك فإنه قد حرص على محاربة مضار السوق. وفي هذه الحالة فإن مؤسسة السوق تكون مفيدة.
فمن اهم منافع مؤسسة السوق هو السماح للأشخاص في تبادل المنافع من خلال تبادل السلع والخدامات الحالية و المستقبلية، وكذلك فإن السوق يوفر معلومات مهمة لأن تكون المبادلات اكثر عدلا او على الاقل متراض عليها، فمن ذلك تحديد حدود دنيا وعليا لقيمة السلع و الخدمات يمكن الاسترشاد بها في حال عقد صفقات التبادل، وهذا ما توفره الاسعار السائدة والناتجة من حقيقة المعروض ومن السلع و المطلوب منها، وما يتم تخزينه في الاسواق يمكن ان يكون مؤشرا على تطور كل من العرض والطلب على السلع و الخدمات في المستقبل.
ايضا ان الاسواق تعطي حافزا للوفاء بالالتزامات بشكل ذاتي اي من دون الاستعانة باي اجراءات مكلفة و غير مرغوب فيها، فمن يفي بالتزاماته على هذا النحو فإنه يكتسب سمعة، وفي الغالب فإن هذه السمعة تترجم الى ثقة و بالتالي التعامل مع صاحبها بطريقة بسيطة قد تغني عن كثير من البحث عن المعلومات وعن التوثيق وغير ذلك من الاجراءات المكلفة، فالسوق بهذا المعنى كان و لا يزال وسيلة من وسائل الحوكمة المفيدة و التي قد لا يمكن الاستغناء عنها الا من خلال احلالها بمؤسسات ادارية مكلفة من حيث الوقت و الجهد وكذلك من خلال ايجاد تعقيدات كبيرة اخرى قد تعمل على عرقلة المبادلات المفيدة بين الناس.
لكن في المقابل فإن مؤسسات السوق قد انحرفت انحرافات كبيرة قضت على جل هذه المنافع و خلقت مضار كبيرة جعلت من مؤسسة السوق مضرة، و يمكن شرح بعض هذه المضار الكبرى و كيفية تجنبها و بالتالي اصلاح عملية السوق.
فمن هذه المضار سيطرة الممارسات السحرية على تعاملات مؤسسات الاسواق. فعلى الرغم من ان اخذ سلع و مال و ثروة اي انسان بدون رضاه و بدون مقابل كان يعد عملا غير مقبول و لا مبرر. و من ثم فقد كان لا بد من ردع من يمارسه بالعقوبات الرادعة و في حالات كثيرة بعقوبات جسيمة بغض النظر عن حجم و ظروف اخذ ذلك. ففي العديد من مؤسسات الاسواق كانت هناك قواعد تسمح لمن اخذت منه سلعه ان يختار ما يرغب من مال كعوض لذلك و بدون الاخذ بعين الاعتبار ما تم اخذه. و في حالات عديدة كان من اخذ من سلعه فإنه لا يرضي بأي تعويض عن ذلك يقل عن استعباد الاخذ.
لكن في المقابل فإن من خدع صاحب السلع و اخذ منه سلعة بذلك فإن ذلك التصرف ليس سرقة بل انه ليس عيبا على الاطلاق. وفي حقيقة الامر فإن العديد وقواعد مؤسسات الاسواق يعتبر ذلك نجاحا و تميزا يطف على ممارسه الاحترام و التقدير. و ما كان ذلك ممكنا الا من خلال اعتبار الخداع او السحر مهارة مهمة يجب الحث على تعلمها و القبول بنتائجها.
و لا شك ان ذلك كان في الحقيقة انحرافا كبيراً عن وظائف السوق المفيدة. فقد كان من المفترض ان يتم الحرص على جعل الاسواق وسيلة لتشجيع التجارة و ليس النصب. فالتجارة هي قيام شخصين في تحديد شروط و طبيعة التبادل كما يرغبان و بدون تدخل من طرف ثالث لا علاقة له بالأمر من قريب او بعيد كما كان يحدث في ظل السماح لبعض مرتادي الاسواق استخدام خداعهم في تضليل كل من البائعين و المشترين بهدف الحصول على مكاسب مالية.
لقد ترتب على ذلك السماح ببعض انواع السرقة و الاغتصاب. و قد استخدمت مؤسسات السوق لإعطاء الشرعية للسرقة و الاغتصاب تحت غطاء السحر(الخداع). واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به انفسهم لو كانوا يعلمون.
فهذه الايات تشنع على مثل هؤلاء لانهم تركوا احكام الدين العادلة في تنظيم العلاقات بينهم و اعتمدوا بدلا عن ذلك بالمبررات و الألاعيب الصادرة من ثقافة السحر و ما ترتب عليه من اكل اموال الناس بالباطل تحت ذريعة ان وسيلة مقبولة لكسب المال. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56). وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (89).
لقد كانت هذه البداية لكن السماح بهذه الممارسات ما لبث ان اعطى للسحرة سطوة و نفوذا فاقت رجال الدين بل حتى الملوك. وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114).
لقد كان السوق هو المكان الذي التقى فيه نبي الله موسى مع السحرة. فسقط السحر و بالتالي سقط مبرر الشرك. قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَن نؤرثك عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى.
لقد كان السوق بداية سيطرة السحر و كان كذلك نهايته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.