أين نحن من فيضان نهاراته، واستكانة لياليه؟. أين نحن من مصافحة مزاجه، واشتعاله بالألم..؟ أي طيف من أطيافه يمكننا أن نستدعيه لنقف على سلالمه؟. هو الزمن الممعن في استنفاده لنا، نذوب ونحن نحاول إيجاد مخرج منه عندما تحاصرنا أوجاعه، نستحيل إلى دواخل الفشل عندما نعجز عن فك مفردات شفرته، زمن مرير.. بل هو زمن مباغت بأيامه ولياليه. يباغتنا دون إعداد له، أو تحضير... يباغتنا بغموض، ومرارة، وبحضور جارف غير مسبوق. إنه الزمن الحاضر عندما يشاء، والذي دائماً ما يحصد معه كل معايير الالتفاف، وسطوع الوجيعة. أزمنتنا هي عمرنا من الصعب فصل أيامها، أو الاحتفاء بلحظات العمر بعيداً عنها. تختارنا لتكون منفانا. ونخضع لها بتقرب واتصال وإصغاء من الصعب تجاوزه. ذات مرة حاولت مناهضته، أعني الوقوف في وجهه... سعيت لملامسته... أوشكت على الاحتفاء بتلك اللحظة التي تخففت فيها الغيوم من أطرها... وحلمت أنك استيقظت على مدار مفتوح، التقيت فيه بالشمس... وركضت بشهية التملك لكل الساعات المفتوحة... وسجنت أيامك بثوانيها داخل براكين حنين لا تنتهي تفاصيلها. تيقظ الزمن... تحركت مؤسساته... شعرت بزخم لا يتكرر من ملامسة الفراغ... والتواؤم مع مجمل الأيام، إنه الزمن نرمقه وهو يرمح كالفرس الجميل، يأسرنا انسجامه مع نفسه وثباته عند الموعد، لكن لا نمتلك اللحظة النفسية النادرة، والمناسبة لنتناغم مع أروقته الصعبة، والضاجة، بل نظل نمارس لعبة الفرجة على حضوره، واصطدامنا أحياناً دون أية مقاومة.