يمكن القول إجمالاً، إنه ما من ظاهرة إنسانية، كانت وماتزال مدعاة للبس وسوء الفهم - كظاهرة «العولمة» والحقيقة أن هذا المفهوم الجديد - الظاهرة - ماتزال تترنح في مخاض الدراسات والبحوث والندوات الفكرية - السياسية والثقافية العربية المكثفة، التي لم يتمخض عنها تعريف محدد لمصطلح «العولمة»، ولذلك ذهب الكثيرون إلى بلورة مضامينها في مصطلحات وتعاريف متفقة ومتطابقة حيناً ومتناقضة ومتضاربة أحياناً كثيرة.. فالبعض مثلاً يعرّفها بانها «التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة، ودون حاجة إلى إجراءات حكومية».. ويعرَّفها آخرون بانها «اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق»، بحسب المفكر الاقتصادي السوري محمد الأطرش.. بينما يصفها البعض بالحضور الكوكبي الذي تمثله أساساً قوة مهولة، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية «فهي ليست سوى وجهة أخرى للهيمنة الإمبريالية على العالم الثالث، تحت الزعامة المنفردة للولايات المتحدةالأمريكية». كما يرى الدكتور مسعود ظاهر «صدام الحضارات كمقولة إيديولوجية لعصر العولمة الأمريكية». أما الدكتور مصطفى حمدي «العولمة آثارها ومتطلباتها» فيعرفها ب «القوى التي لا يمكن السيطرة عليها للأسواق الدولية والشركات متعددة الجنسية التي ليس لها ولاية دولة قومية»، ويراها الدكتور برهان غليون بأنها - العولمة - تطور طبيعي للحضارة منذ أقدم الحقب التاريخية، حيث انتقلت تقنيات الثورة التقنية الأولى المسماة «بالعصر الحجري» ثم التقنيات المرتبطة بالعصر الحديدي.. فالزراعي التي بدأت منذ الآلاف السنوات قبل الميلاد، ويرى أيضاً بأنها «ديناميكية جديدة تبرز داخل دائرة العلاقات الدولية، من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة». وبسبب هذا التطور فهي في نظره دخول طور من التطور يصبح فيه مصير الإنسانية موحداً أو نازعاً للتوحد، لكنه يفند وجهة نظره هذه بحيث لا تعني هذه الوحدة التجانس والتساوي بين جميع أجزاء العالم والمجتمع البشري، ولكنها تعني درجة عالية من التفاعل بين مجتمعات بشرية مختلفة، بما يفضي إلى ازدياد التأثير والتأثر المتبادلين..! [email protected]