بعد مرور عدة سنوات على إعلان إنشاء هيئة عامة لمياه وكهرباء الريف التي من ضمن عملها ترشيد استخدام المياه ومنع حفر الآبار الارتوازية المتقاربة وإرشاد وتوعية المواطنين بضرورة استغلال مياه الأمطار تحت عنوان حصاد الأمطار والذي لم يستوعب معناه الكثير من الناس إلا بعد فترة من التداول واللقاءات التي يلتقط بعض المشاركين فيها معنى حصاد الأمطار من موظفين يعملون في الهيئة ويزورون مناطقهم زيارة عمل أو بمناسبة مثل عيدي الفطر والأضحى.. وقد أصبح معظم الناس في الأرياف والمدن يعرفون أن الحصاد يتمثل في بناء خزانات أرضية بما يقدر عليه صاحب البيت ومايملكه من أرض لغرض توجيه ميازيب منازلهم إلى تلك الخزانات حتى تمتلئ وتوفر الحاجة لها في أيام الشدة أو أثناء فترة الشتاء التي يتوقف فيها المطر إلا في بعض السنوات ومافاض عن استيعاب الخزانات تذهب تلك المياه لسقي الأراضي القريبة من المنازل ولها تسميات عدة بحسب تعدد المناطق فمنهم من يسميها بستاناً ومنهم من يسميها أحواشاً، وغير ذلك من التسميات. ويزرع فيها الخضروات والزهور والرياحين مثل البسباس والطماطم والبصل والبطاطس والكراث والورد والقرنفل والنعنع ويستغني صاحبها أو أصحابها عن شرائها من الأسواق وكانت هذه السياسة الزراعية تقليدية وشائعة إلى درجة شموليتها لكل أنحاء اليمن قبل ثورة سبتمبر وبعد الثورة ببضع سنوات إن لم نقل أشهراً أهمل الناس هذه التقاليد والمهن وتوجه معظمهم إلى المدن للبحث عن أعمال وتعليم وتجنيد وللدفاع عن الثورة والجمهورية إلى أن طال الإهمال أو الانشغال المفاجئ بغيرها شجرة البن وكانت بداية إهمال هذه الثروة المشهورة منذ زمن طويل على مستوى العالم أن ترك المحصول يتساقط إلى الأرض لعدم وجود من يجنيه ويجمعه ويجرشه ومن يستهلك جزءاً منه في القهوة التي نعرفها من قشرة البن وأما البن نفسه فقط كان يباع في الأسواق الشعبية لأناس يقومون بإرساله مع السمن البلدي والعسل إلى عدن ومنها إلى الخارج.. وبعد فترة قصيرة من دخول اليمن في الحرب ضد الملكيين والمرتزقة الذين اشترتهم بعض دول الجوار وإيران والأردن ظهرت زراعة القات في مناطق عدة لم يكن أحد يتصور أنه سيدخلها في ظل ميل جارف لزراعته لما له من فوائد سريعة وتأثير ساحر على الناس الذين يتعاطونه كالشعور بالنشوة والنشاط في بداية القيلة ثم الخمول والسهر وضعف الشهية والغضب والإهمال للأعمال والوظائف حتى في نطاق الأسرة ومن ثم المشاكل الاجتماعية العديدة التي لاتخفى على أحد ومن ذلك إهمال الأولاد من التربية والتعليم والعلاج والغذاء المتكامل بعناصره الحيوية للإنسان.. واليوم وبعد مرور فترة طويلة على قيام تلك الهيئة لانعرف إلا القليل عن أعمالها وفوائدها وذلك لأنها لم تقم بالإعلان عن نجاحاتها وإخفاقاتها وماهي الأسباب، اللهم ماردت عليه قبل أيام بحنق وغضب من مقال انتقد عملها ربما بطريقة لامست الحقيقة وكشفت خلية للفساد في واحد من أهم المرافق التي لو استقامت لكفت معظم السكان الحاجة للبحث عن مياه الشرب من مسافات بعيدة وأسهمت في نزع فتائل الحرب المائية في أكثر من مكان وبعثت الحياة لتلك المزروعات البسيطة المستهلكة يومياً التي ذكرناها..