انعقدت القمة رقم 16 لدول عدم الانحياز في طهران لتعيد إلى الأذهان كامل الأسباب الجوهرية التي كانت وراء الفكرة بعد مرور أكثر من عقد على نهاية الحرب العالمية الثانية، وتبلور نظام القطبين، وبداية سباق الرعب بين المعسكرين الكبيرين، بالترافق مع توق البلدان المستعمرة للتحرر من الاستعمار. في تلك المرحلة التي تلت لقاء (باندونج) التأسيسي للحركة، والتي جاءت عطفاً على مقترح ناجز لرئيس الوزراء الهندي يومئذ جواهر لآل نهرو، بالتشارك مع الرئيسين جمال عبدالناصر وتيتو، بدأ تدوير عجلة عدم الانحياز لتكون بمثابة خط ثالث يتوسط الثنائية القطبية ويعمل على اختصار آثارها السلبية ، من خلال المبادئ العشرة المؤسسة للحركة ، وهي مبادئ لا تختلف في جوهرها عن مرئيات ميثاق الأممالمتحدة إلا في تلك الإيماءات الرافضة لسباق التسلح، والانخراط التام في أحد المعسكرين العالميين . من المؤكد أن حركة عدم الانحياز يومها كانت تباشر أهدافاً واضحة الملامح ، وتتمتع بأفق ما في الفعل الدولي الإيجابي ، لكننا اليوم بصدد ذات التسمية والأهداف في ظل غياب الاتحاد السوفيتي ومن يتحالف معه من جهة، وانعدام الاستعمار التقليدي في العالم من جهة أخرى ، كما أننا بصدد نشوء وتفاقم مفردات جديدة على الأرض وما تحمله من استحقاقات مغايرة جذرياً لما كان عليه الحال في تلك الأيام من ستينيات القرن المنصرم . [email protected]