تنتاب كل إنسان مخلص وغيور على هذا الوطن مشاعر الحزن الشديد والألم والإحباط عندما يرى بأم عينيه شخصيات اكاديمية - او يفترض أنها أكاديمية - تعمل في مؤسسات علمية وأكاديمية عالية كالجامعة يحملون – للأسف الشديد – ألقاب أكاديمية عالية (بغض النظر عن مصدرها وطريقة الحصول عليها ) يمارسون أعمال ويقومون بتصرفات بعيدة كل البعد عن مفهوم ومنطق وأخلاقيات وأسس العمل الأكاديمي الراقي، ويتجولون يوميا في أورقة الجامعة من مكتب إلي مكتب ومن كلية إلى أخرى ومن قسم إلى آخر ليس بحثا عن المزيد من المعرفة او لإنجاز بحث علمي او إعداد مادة علمية حديثة تفيد الطلاب والمجتمع او التعاون والتنسيق مع زملاءهم في أي من الجوانب السابقة ..!! لكنه تجول من نوع آخر تجول مشبوه تتعدد أهدافه غير الأخلاقية وغير الأكاديمية في معظم الأحيان. من إثارة للفتنة وزرع بذور الخلاف والصراع بين زملاء المهنة وقيادات العمل الاكاديمي والإداري بالجامعة والسعي لإحراز مكاسب مادية ومصالح شخصية ضيقة على حساب مصلحة العمل الجماعي والأكاديمي في الجامعة . هذه الشخصيات الأكاديمية (لقباً وليس سلوكاً) تجمع العديد منها صفات و قواسم مشتركة , فمن هؤلاء من وصل إلى لقبه ومركزه الأكاديمي الحالى بالجامعة ببركة دعاء الوالدين وعبر بوابة الفساد الاداري والأكاديمي مستفيداً من ظروف مواتية في مراحل معينة للوصول الى ما وصل اليه , ومنهم من مر على تعيينه في الجامعة اعواماً عديدة وأزمنة مديدة لم ينجز خلالها بحثاً علمياً واحداً او كتاباً اكاديمياً واحداً...!!! ومنهم من يرى العمل او اللقب الأكاديمي نوع من الوجاهة والشهرة ومطلب (حديث ومعاصر) لتحقيق مطالب ذاتيه (مادية او سياسية او ادارية او اجتماعية .. ) في المجتمع المحيط به. ولذلك نجد البعض من هؤلاء يشغلون مناصب ادارية وأكاديمية في الجامعة لفترة محددة وبمجرد مغادرتهم لهذه المناصب يبدأون مرحلة التجوال المشبوه في اروقه الجامعه التي أشرت اليها سابقا، طمعاً في العودة الى اوضاعهم السابقة او الحصول على مراكز ومناصب جديدة بأي الطرق والأساليب ولو كانت اساليب غير اخلاقية وغير اكاديمية تستند لأي منطق خاص او سياسة غير سليمة كسياسة “ فرق تسد “ على سبيل المثال فالغاية عندهم تبرر الوسيلة , فهل آن الأوان لحظر تجوال مثل هذه العناصر والشخصيات المريضة والمرجفة في أروقة الجامعة حفاظاً على صحة وسلامة هذا المرفق الأكاديمي الهام , الذي يفترض ان يكون حرماً علمياً وأكاديمياً نظيفاً يتلقى فيه الطلاب أحدث المعارف والمهارات العلمية والتطبيقية على ايدي اساتذة يفترض ان يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم وتعاملهم مع زملاءهم ومع الآخرين , ويمثلون بعلمهم ومعارفهم وخبراتهم وسلوكياتهم مشاعل مضيئة تنير دروب الخير والتقدم والنماء لهذا الوطن المعطاء ، وهل آن الأوان للقيادات الاكاديمية الرشيدة في جامعاتنا ان تدرك مسؤوليتها الوطنية والدينية والأخلاقية والأكاديمية تجاه مجتمعها وأجياله من الشباب الذين يحلمون ببيئة تعليمية راقية تجعل منهم عناصر منتجة وفعالة في المجتمع , وتعمل هذه القيادات على تصحيح الاختلالات الادارية والأكاديمية في الجامعات , وتنظيفها من كل أشكال ومظاهر وعناصر الفساد المالى والإداري والأكاديمي . ختاماً كم أتمنى وأحلم أن يأتي اليوم الذي نمارس فيه مهامنا الأكاديمية في بيئة جامعية نظيفة وخالية من الفساد والمفسدين والمنافقين والمرجفين , بيئة مشجعة على العطاء والإبداع الأكاديمي يجد فيها عضو هيئة التدريس كلما يحفزه ويمكنه من ممارسة مهامه التدريسية والبحثية بفاعلية , ويجد فيها الطالب الجامعي كلما يحتاجه من معارف ومهارات حديثة بأساليب متقدمة ,وبجودة عالية . ونجد فيها رؤساء ونواب للجامعات وعمداء كليات يفتحون صدورهم وأبواب مكاتبهم (وليس مقايلهم ) لمن يريد أن يحسن ويطور الأداء الإداري والاكاديمى في الجامعة !!!! وليس لمن يبحث عن منصب او مصلحة شخصية !! * أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز