أؤمن أن أي اختلالات أمنية تحدث هنا أو هناك وراءها مدير أمن نائم في العسل أو متقاعسون عن أداء واجباتهم الشرطوية في الحد من الجريمة.. فالمصائب التي حلت بالبلاد والعباد ماهي إلا نتاج عن قيادات أمنية متشبثة في مناصبها لا تعمل على تعزيز الأمن والاستقرار بل تنشر الفوضى بقصد أو بدون قصد حتى إذا اختلطت الأوراق يتعثر على المهتمين بالقضية الأمنية تميز ما يجري من اختلالات وسط تصاعد الجريمة التي أصبحت منظمة. إن المطلع على حجم الأرقام التي تسجلها الأحداث الأمنية في أي محافظة من محافظات الجمهورية سوف يصاب بحالة هستيريا سيشعر معها أنه مستهدف وأولاده من أن تطاله أيادي الخارجين عن القانون وما أكثرهم هذه الأيام بعد أن عجزت الجهات المعنية في ترسيخ الأمن بربوع الوطن. المحافظ شوقي هائل قد يكون الوحيد من بين المحافظين الذي استشعر بخطورة الانفلات الأمني في تعز بعد أن وجدها لا تختلف عن عمران والجوف ومأرب وصعدة في التسلح فغابت عن المدينة الثقافة والمدنية وتراجعت للخلف كثيراً لتبدو مدينة متخلفة لا تعرف سوى لغة السلاح وأصبح الكثير يتمنطقون السلاح في الشارع العام والأسواق والأحياء و لو بمقدورهم لحملوا الرشاش والمضاد للطائرات وتجولوا بالدبابات ولوجدنا من يجابر العريس في ليلة عرسه بصواريخ لوبدلاً من الطماش.. ذلك الانفلات وتلك الثقافة الجديدة دفعت بالمحافظ شوقي أن يعلن أمام الصحفيين عن تطبيق الخطة الأمنية لخليجي 20 وهذا يعني أن الوضع بتعز وصل إلى درجة أننا نحتاج إلى مكافحة الجريمة كما نكافح تنظيم القاعدة والإرهاب.. الخطة الأمنية لخليجي عشرين لم تطبق بعد ويبدو أنها أجلت إثر عودة الهدوء إلى وضع أفضل عقب لقاء، حكماء تعز الذين اتفقوا على ميثاق شرف من أجل مدينتهم إلا أن مشكلتنا في المحافظة ماإن تتفق اطراف الصراع على كلمة سواء نجد بعضاً من رجال الأمن يخترقون الاتفاق ويعملون على استفزاز المواطن . حادثة قد تكون بسيطة تابعتها إلا أنها تدفع الناس إلى أن يتحولوا إلى بلاطجة حتى يتعاملوا مع رجال أمن نسوا أن دورهم خدمة الشعب لا إذلاله وامتهان كرامته. وذلك عندما اقتحم رجال أمن فندقاً في الحوبان على عريس بغرفته ليلة الدخلة واقتياده بالقوة وليس عليه سوى «منشفة» يستر بها عورته وزجه بسجن أمن تعز وكأنه مسجل خطر أو من المطلوبين ضمن القائمة السوداء التي تتحفنا بها وزارة الداخلية وهي تعلن عن أسماء جدد كلما هوجمت أبراج الكهرباء.. فمثل هذا التصرف اللامسئول أظن انه لا يخدم الأمن ولا يرضي مدير أمن تعز “المقدشي” الذي يحمل شهادة دكتوراه باعتبار ذلك الفعل مخالفاً للقانون وترفضه أخلاقنا اليمنية ، كون المداهمة لعريس ذنبه أن أصحابه جابروه وأطلقوا رصاصاً .. ولو كان الأمن يريد أن يمنع إطلاق الرصاص في الأعراس فإن الأحرى به أن يلقي القبض على مطلقي الاعيرة النارية في العرس وليس في غرفة الفندق. في الحديدة أسوأ ما فيها الأمن وقيادة المحافظة الغائبة عن مشهد ما يجري من اختلالات، فالحديدةالمدينة المسالمة تحولت إلى بؤرة لإنتاج الجريمة بمسمياتها المختلفة ابتداء من القتل والتقطع وليس انتهاء بالبسط على أملاك الدولة والمواطنين بالقوة. لذلك يحمد أبناء الحديدة الله أن قرار تغيير مدير الأمن ناصر الطهيف لم يتأخر كثيراً وإلا لوجدنا مدينة الحديدة تحتل الصدارة عالمياً في الجريمة المنظمة وغير المنظمة بعد أن صار القتل فيها يتم بالدراجات النارية في الطريق العام والمسلحون يفدون عليها من كافة منافذ المدينة ونقاطها الأمنية مدججين بشتى انواع الأسلحة ولا أحد يسألهم عن السلاح الذي يحملونه. ومن السخرية ما يجري بالمحافظة أن تجد مسلحين قدموا من مأرب للسطو على أرض القوات البحرية والجوية وآخرين من ذمار حاصروا البحرية والزحف يتواصل باتجاه مدرج المطار أمام مرأى ومسمع من قيادة المحافظة والتي لو حركت أطقمها يكون على استحياء فهل بعد ذلك يمكن الحديث عن مدينة آمنة من يدخلها عليه أن يُشهِّد ويُكبِّر حتى لا ينهبوه ويقتلوه لصوص الخط الطويل في حيس وأصبح القدوم إلى الحديدة من أي محافظة أشبه بمغامرة محفوفة بالمخاطر. أعتقد أن التغييرات الأمنية في عدد من المحافظات هي خطوة هامة تصب باتجاه إعادة الروح إلى الأجهزة الأمنية التي فقدت هيبتها وأصبح رجل الأمن بحاجة إلى من يحميه من القتلة ولصوص الليل والجريمة أخذت تتمدد لتصل إلى كافة الأحياء والحارات ،فتغيير مدير أمن الحديدة وإن جاء متأخراً بعض الشيء كان من القرارات الصائبة التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني وهذا لا يعني أن العقيد محمد المقالح المعين الخلف سيكون خيرمن السلف إلا إذا استطاع ان يحدث نقلة أمنية بالمحافظة يلمسها كل مواطن وقبل أن يكافح الجريمة يبدأ من داخل المنظومة الأمنية حتى لا نسمع أن رجال أمن نافذين يقومون باستغلال سلطتهم وينهبون أراضي الناس دون وجه حق وكذا تأمين نقطة حيس التي تحولت إلى منطقة رعب للمسافرين ولسنا ببعيد عن جريمة القتل التي نفذها قطاع الطرق ضد مسافر إلى تعز وقبل كل شيء نتمنى أن يعيد النظر في النقاط الأمنية لمداخل المدينة لأنها نقاط تفتيش على المواطن الغلبان بينما المسلحون يمرون منها بسلام..