في سنوات الحرب الباردة ، اعتمد رؤساء الأنظمة الجمهورية ، أنظمة ما قبل “ الربيع العربي “ .. “ لاحِظوا “ ، أقول “الأنظمة الجمهورية”، والأنظمة الأخرى في الوطن العربي ، يأتي دورها ضمن “ جدولة يحركها ويحدد وقتها مستوى قدرات شعوب الدول في التحول والتغيير، وصولا إلى إعادة رسم خارطة سياسية وجغرافية في المنطقة تتلائم والتحولات والمتغيرات العالمية... أعتمد رؤساء الأنظمة الجمهورية على المؤسسات والمنظمات الأمنية العسكرية ، والوسائل الإعلامية ، في استمراربقائهم في السلطة ، وعبر اختيار وتعيين قادة أمنيين وعسكريين مُوالين ومقربين منهم، ومن أسرهم ، بغض النظر عن أقدمِيتهم وكفاءتهم ، وبعيداً عن الأنظمة والقوانين والأعراف والتقاليد الدولية المُنظمة لكيفية اختيار وتعيين قادة الأمن والجيش ، ومثلت نفقاتها نسبة كبيرة ومرتفعة في موازنات الدول ، وبمباركة إحدى الكتلتين، المهم ولاء النظام لإحداهما . ومع مطلع العقد الأخير ، من القرن الماضي ، إنتهت الحرب الباردة بتفكك “الاتحاد السوفيتي “ والكتلة الشرقية بشكل عام ، وشهد العالم تحولات ومتغيرات جديدة في السياسة والإدارة والاقتصاد والحكم أيضاً ، ودور جديد للمنظمات الدولية، في مقدمتها الصندوق والبنك الدوليين ، منظمة الأممالمتحدة ، والوكالات والبرامج التابعة لها، فيه حث لدول العالم الثالث، ومنها الدول العربية، بضرورة إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية وسياسية، وقتها لم تر الأنظمة الجمهورية في الوطن العربي من آلية تخرجها من هذا المأزق، غير الوسائل الإعلامية تسوق لها تصرفات وتوجهات وسياسات بما يضمن لها البقاء في السلطة، هي في الأساس لا تمثل إجراءات إصلاحية وإنما تخلق انطباع لدى الشركاء الإقليميين والدوليين، بأنها في إطار المفاهيم والمصطلحات والبرامج الإصلاحية الجديدة، وبالتالي اتخاذ إجراءات وخطوات تمكن الأبناء من الوصول إلى الحكم في إطار “مفهوم نظام التوريث”. وفي اليمن عمل الرئيس السابق على تسويق حكمه لعقود من الزمن عبر وسائل إعلامية ، وضمن سياسات وتوجهات إعلامية وسياسية ، عبثت بمفاهيم ومصطلحات جديدة ، جاءت بها التحولات والمتغيرات العالمية، أراد من خلالها البقاء في السلطة لفترات زمنية أطول، والتحضير والاستعداد للتوريث، فأتت “الرياح بما لا تشتهي السفن” فحلت المتغيرات العالمية ، وحلت “ ثورات الربيع العربي ” ، وكان لليمن موعداً معها ، فخرج الناس إلى الساحات ، وجاءت المبادرة الخليجية وآليُتها التنفيذية المُزمنة ، ب “ تسوية سياسية” ، ولا زال الجديد “ يتشكل” ، ولا زال الناس ينشُدون التحول والتغيير وصولاً إلى الدولة المدنية الحديثة، عمل إعلامي يُمارس منذ سنوات ، شارك في تضليل الرأي العام المحلي والعالمي ، ضمن ثقافة إعلامية وسياسية ، أطالت في فترة بقائه في الحكم ، واختزلت مهام ووظائف الدولة في شخصه . ففي أول زيارة له إلى محافظة إب بعد “ الوحدة” ، قال الرئيس السابق في خطابه أمام جمع من أبناء المحافظة والأجهزة التنفيذية: “ أن أي خلاف يقع بين الزوجين ، يقال إن وراءه علي عبد الله صالح ، وإذا أرتفع ثمن الطماطم ، يقال أن سببه علي عبد الله صالح»... الخ، وفي الحفل الذي أقيم بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر ، قال: «إذا حصل إعصار أو عاصفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية قالوا وراءه علي عبد الله صالح ، حينها أراد أن يقول ويؤكد للناس عبر الوسائل الإعلامية«أن كل شي بيده » ، حتى وإن توحدنا . ثلاثة عقود من الزمن والإعلام الرسمي يسا هم في تعزيز تلك الثقافة، ضمن سياسات وتوجهات عُطلت مؤسسات ومنظمات الدولة ، وأصبح تعيين الوكيل والمدير ورئيس القسم والغفير والموظف ، واعتماد المشروع ، من مهام ووظيفة الرئيس ، واليوم يُراد للمؤسسات الإعلامية أن تبقى عند تلك “ الثقافة” ثقافة اختزال مهام ووظائف الدولة ومؤسساتها . ما لفت انتباهي ، ما ورد في نشرة التاسعة مساءً في “ قناة اليمن” في 23 / 8 / 2012 م ، بأن توجيهات رئاسية بزيادة عدد “ محلات بيع اللحوم” التابعة للمؤسسة الاقتصادية، خبر وأخبار غيره جعلني أتذكر تلك الآلية الإعلامية القديمة الجديدة/ وأتذكر عبارة قالها صاحبي ونحن في نقاش حول هذا الموضوع: “إننا لم نستطع مغادرة تلك الآلية وتلك السياسات الإعلامية التي تختزل وظائف مؤسسات وأجهزة الدولة في شخص المسئول الأول فيها”... “يا خبرة” هناك إدارة ومركز للمؤسسة الاقتصادية ووزراء مشرفين عليها، ومسئولين لمحلات بيع اللحوم، ومثلها مرافق وأجهزة أخرى تقوم بأنشطة ومهام ووظائف في إطار الجهاز الإداري للدولة، لها مسئولون تنظم العلاقة بينهم، و للمسئولين في المستويات العليا قوانين ولوائح، فبإمكان وسائل الإعلام تناول الخبر المشار إليه آنفا بالصيغة: مسئول بيع اللحوم أو فرع المؤسسة الاقتصادية في صنعاء، عدن، تعز، في المنطقة س، أو ص... ألخ، يعلن عن خطة لزيادة عدد محلات بيع اللحوم، فلماذا لا نغادر تلك الآلية ونعمل على خلق ثقافة إعلامية جديدة تعزز من التوجه نحو “عمل مؤسسي” يتطلع إليه الجميع وفي مقدمتهم رئيس الدولة. وزير الإعلام كان له مواضيع ومقالات تنشر في كثير من الصحف اليمنية، كثيرا ما تناول فيها مواضيع ذات علاقة بالسياسات الإعلامية، بإمكانه مع زملائه مسئولي المؤسسات والمنظمات الإعلامية، رسم وتنفيذ سياسات إعلامية تتلائم والمرحلة وأهداف التحول والتغيير، ورسم “خارطة طريق” لأداء مهام ووظائف المؤسسات والمنظمات الإعلامية، والإعلاميين والصحفيين، وإيجاد برامج تأهيل وتدريب تعزز من قدراتهم ومهاراتهم، وإعطائهم مستحقات تتلائم ومهامهم ووظائفهم، حيث مقابل التنقلات والتغطية الإعلامية والمراسلات، وليتجهوا إلى الأطراف، لتغطية ممارسات ذات علاقة مباشرة بالمواطن، وذات علاقة بالمؤسسات والمنظمات والمرافق العامة، ولنتجه جميعاً نحو سياسات وتوجهات إعلامية جديدة. [email protected]