مرت الذكرى السنوية الأولى لمجزرة جولة النصر(كنتاكي) البشعة التي ارتكبها النظام العسكري القبلي السابق وفرق الاغتيال والقتل التابعة له بحق أبناء الشعب اليمني وشبابه، وقد بدأت بعض قيادات المشترك تتناسى تلك التضحيات الأليمة لأولئك الشباب الذين سطروا بدمائهم وبأجسادهم ملحمة بكل ما تحمله كلمة، ملحمة من تضحيات أسطورية، حيث قاموا بتلك الملحمة وهم عراة الصدور، وقد قتلوا بأسلحة مضادة للآليات في تلك المجزرة التي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، لا في الشرق ولا في الغرب ولا في العالم القديم ولا في العالم الجديد.. تمر هذه الذكرى وقد استطاع جناح من قيادات المؤتمر الشعبي العام أن يدجن بعض قيادات أحزاب المشترك المريضة ويجرونها إلى حلبة تقاسم ثمار الثورة وكأنها غنائم حرب. يتقاسمون مع المؤتمر، والمؤتمر يكاد يكون مسيطراً على كافة أجهزة الدولة الإدارية والعسكرية والأمنية.. لا نستطيع أن نقول كافة أحزاب المشترك وإنما هي بعض تلك الأحزاب أو بالأحرى قياداتها التي لا تؤمن بالدولة المدنية التي قامت الثورة من أجلها. جاءت الذكرى الأولى لمجزرة جولة النصر (كنتاكي) وقد بدأت بعض قيادات المشترك التي تبحث عن الغنائم تتهافت على تقاسم ثمار الثورة.. ومع من؟.. مع المؤتمر أو بالأحرى قياداته القبلية والفاسدة التي لم تسيطر فقط على الوظائف العامة من رأس هرم الدولة حتى أخمص قدميها، بل ومسيطرة على الجيش ووحدات الأمن ومن أعلى القيادات العسكرية وحتى أصغر جندي. الدخول في تقاسم الوظائف العامة تعد جريمة كبرى بحق الشعب اليمني، فالثورة الشعبية السلمية قام بها الشعب اليمني بكل أطيافه وبدرجة رئيسة الشباب - حزبيون وغير حزبيين - بهدف إيجاد دولة لكل اليمنيين، ولا نعرف ماذا تعمل حكومة الوفاق الوطني؟ ولا ما هو دورها؟. نعم قد نقبل التقاسم في المناصب السياسية، وهو أمر واقعي وطبيعي، لكن أن نقبل تقاسم إدارات المدارس ودرجات مدراء العموم والإدارات والأقسام في الوزارات والمؤسسات «فهذا ليس أمراً محيراً فقط، بل أمر مرعب ومخيف، وكما أوقعوا الوحدة في مستنقع التقاسم الذي قاد في النهاية إلى حرب 94م يريدون إيقاع الثورة الشعبية السلمية في مستنقع التقاسم الذي سيقود إلى حروب قبلية ومناطقية. إن التجاهل السياسي - ولن أقول الغباء السياسي - الذي تمارسه بعض قيادات المشترك أو بعض أحزابه بالدخول في عملية تقاسم تعد ليس فقط جريمة عادية، بل جريمة كبرى بحق الثورة والشعب والوطن. إن الدولة المدنية التي هي هدف من أهداف الثورة الشعبية السلمية تطعن اليوم في الصميم.. ويبدو أن الخبرة السياسية لقيادات المؤتمر الشعبي العام في الفساد والإفساد أرادت بطرح فكرة التقاسم اغتيال الثورة في صميمها؛ من خلال تقاسم المناصب الإدارية في المؤسسات والوزارات، وهو ضرب لأهم هدف من أهداف الثورة وإشغال قيادات هذه الأحزاب بالصراعات في صفوفها أولاً.. وفيما بينها ثانياً.. ونقل الصراع إلى داخل المجتمع ثالثاً ليتحول إلى صراع قبلي ومذهبي ومناطقي، وهكذا ليدمر الثورة وليدمر اليمن، فسياسة فرق تسد التي خبرها الرئيس السابق علي صالح وزبانيته أرادوا بفكرة التقاسم أن يجروا أصحاب النفوس المريضة من قيادات المشترك ومن خلالهم أحزابهم إلى هذا المستنقع الآسن الذي جروا إليه الوحدة اليمنية. ينبغي على قيادات أحزاب المشترك - إذا استمروا في هذا الاتجاه - أن يقدموا استقالاتهم من أحزابهم أو يدعون إلى مؤتمرات حزبية لانتخاب قيادات جديدة، بل الأشرف لهم من البقاء في قيادات تلك الأحزاب والادعاء بأنهم قادة سياسيون؛ لأن الدخول في عملية تقاسم للوظائف العامة هو خيانة لمشروع الدولة المدنية التي قامت الثورة من أجلها وضحى الآلاف من شباب الثورة بأرواحهم وتعرضوا للإصابة بعاهات . كما تعرضوا للاعتقال والإخفاء في سبيلها ولازال البعض منهم حتى اليوم، إما مخفيون أو مصابون بعاهات؛ بسبب هذه الثورة. وفيما يتعلق بالوظائف العامة من درجة رئيس قسم وحتى درجة وكيل وزارة، فيجب أن تخضع لمقاييس الكفاءة والأقدمية والمستوى العلمي وعدم إسناد أي منصب إداري من تلك الوظائف لمن تورط في قضايا فساد سابقة، أو لاحقة وكذا من تورط في انتهاك حقوق الإنسان، وهذه المقاييس أخلاقية، ومعمول بها في أرقى الدول المدنية والديمقراطية، وفي أقل الدول مدنية.