أثناء الغضب الإسلامي ضد السفارات الأمريكية، وضد الإدارة الأمريكية الذي اجتاح العالم بعد عرض “الفلم الأمريكي” المسيء للرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقيام المسلمين باقتحام العديد من السفارات الأمريكية.. والاعتداء على الدبلوماسيين، كما حدث في ليبيا حيث قتل السفير الأمريكي وعدد من موظفي السفارة.. نعم في هذه الأثناء صدرت الفتاوى الدينية من بعض العلماء المستنكرة للفلم، والمدينة لأعمال العنف ضد السفارات الأمريكية .. بينما بعض آخر من العلماء اعتبر مثل هذه الفتوى، والفتاوى التي صدرت من قبل الأنظمة العربية المشابهة وكذا من قبل الأنظمة الإسلامية.. فتوى باطلة، والمبرر الشرعي مبرر باطل، ولا ينطبق على السفارات الأمريكية.. حيث يبرر علماء الفتوى السالفة .. أن أعضاء السفارات والهيئات الدبلوماسية الأمريكية في الوطن العربي والإسلامي ممن منحوا العهد، والأمان حين قبلوا كممثلين لدولتهم، وتم دخولهم إلى البلاد العربية والإسلامية شرعياً، ووضع سكك الدولة “ خاتمها “ في جوازاتهم .. والمبرر فعلاً شرعي فلا يجوز الاعتداء على أي معاهد، أو مؤمن في الشريعة الإسلامية. لكن هناك علماء آخرين يرون غير ذلك، ومعهم كثير من السياسيين أن غضب المسلمين في العالم ضد الإدارة الأمريكية، ممثلة في سفاراتها في بلاد العرب والمسلمين وبقية العالم .. غضب مبرر .. فالإساءة إلى رسول الله محمد .. نبي الإسلام، والمسلمين والافتراء عليه، والكذب والتزوير والزور عليه.. هو استفزاز واعتداء وقرصنة عنصرية متطرفة متعصبة ضد المسلمين الذين يرون في نبيهم، وكل الأنبياء وكل الكتب السماوية قداسة لا يجوز المساس بها أو الاعتداء عليها بالإساءة بأي طريقة من طرق الإساءة، ولا يجوز الانتقاص منهم والافتراء والكذب والتزوير حول حياتهم وسلوكهم وأخلاقهم ونزاهتهم .. وعليه فهذا الفريق من العلماء لا يجد أي خطأ في مهاجمة السفارات، والاعتداء على الدبلوماسيين.. لأنهم يرون أن السفارات منشآت تتبع النظام الأمريكي، وأن الدبلوماسيين يمثلون الإدارة الأمريكية، وهم محاربون يديرون المؤامرات والفتن في بلاد العرب والمسلمين، وجميع السفراء والموظفين في السفارات يتبعون البنتاجون، والمخابرات المركزية “C.I.A” .. ومثل هؤلاء لاأمان له، ولا عهد .. ولا احترام لسفاراتهم لأنها عبارة عن أوكار للتجسس، والتنصت، وتنفيذ المؤامرات وإدارة العملاء، وإشعال الفتن، والحروب الأهلية. طبعاً .. أنا احترت بين الفتوتين .. فتلك من علماء والثانية أيضاً من علماء .. وللفريق الأول مبرراته وللفريق الثاني مبرراته .. وكلها عقلانية موضوعية شرعية.. لكن ما أعرفه أن المسلمين يرون في الإدارة الأمريكية وكل ما يمت لها بصلة في جميع أنحاء العالم .. وكذلك النظام الغربي برمته .. نعم يرى المسلمون أنهم أعداء للإسلام، والمسلمين.. وأنهم يعتدون عليهم منذ قرون، ويسيئون للإسلام كتاباً ورسولاً وللمسلمين كمسلمين، ويجب الاقتصاص منهم ومن كل ما يمت لهم بصلة، وفي أي مكان من العالم.. حتى يصحوا من سياساتهم الاستعمارية، العنصرية العدائية الاستكبارية ويتعاملوا مع المسلمين باحترام ونديه وعدل ومساواة، دون تدخل في شؤونهم أو انتهاك لسيادتهم ومعتقداتهم ومقدساتهم.