يُمكن قراءةُ مُؤشّرات نجاح زيارةِ الرئيس عبد ربه منصور هادي الى بعض الدول الاوربية والولايات المتحدةالأمريكية في بعض المعطيات : قرارُ تحديدِ أعضاءِ الوفدِ المرافق ، بعدد محدود ، يمكن قراءته في إطار سياسات وتوجّهات وقرارات حكومية ، تتخذها الدولة والحكومة للحد من تزايد الإنفاق العام ، إجراءٌ لمواجهة العجز في الموازنات العامة السنوية . أَنَا شخصياً أعتبره مؤشرَ نجاح لاعتبارات : أن يأتي احترام قرارات صادرة عن الدولة والحكومة وتُجسَّد عملياً ، من قِبل رئيس الدولة ، فعلٌ وسلوكٌ يُحترم ،لم تألفه و تسلكه المؤسسات والمنظمات العامة اليمنية مُنذ عقود من الزمن ، أن يكون العدد بهذا الحجم ،قرارٌ أراد به الرئيس أن يلتقيَ أكبرَ عددٍ ممكنٍ من مسئوليّ المؤسسات والمنظمات العامة والخاصة ،وممثلي منظمات المجتمع المدني ، كخطوة تمهيدية , و في “زيارات قادمة” تُمَكِّن أعضاء الحكومة ، وممثليّ القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني اليمنية من الالتقاء بنظرائهم الاوربيين والامريكيين ، لغرض تسويق خططهم وبرامجهم الاستثمارية ، ضمنَ شراكةٍ حقيقيّة ، تعمل الحكومة اليمنية ، ابتداء من المرحلة الانتقالية على إيجاد مقوماتِ وجودِها ، بدعمٍ ومساندة إقليمية ودولية . المؤشر الثاني ، هو أن الزيارة تشمل دولاً وأطرافاً قصدها الرئيس باجتماعاته ولقاءته ، هي في الأساس ، لاعبٌ رئيسٌ في “ التسوية السياسية “ وداعمة لإنجاح “ مؤتمر الحوار الوطني “ ، ترى في مخرجاته ، الانتقال السلمي الكامل للسلطة ، دولٌ وأطرافٌ ، تتطلع إلى شراكة مع اليمن ، الضّامِن الحقيقي لها ، قيامُ دولةٍ مدنيةٍ حديثة ، دولةِ مؤسساتِ وأمنٍ واستقرار . المؤشرُ الثالث ، هو أن الزيارة تأتي متزامنةً مع حدثين ، كان الرئيس مشاركاً وفاعلاً فيهما ، الأول اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الاممالمتحدة ، الثاني انعقاد «مؤتمر أصدقاء اليمن» الخاص باليمن في مدينة “نيو يورك” الأمريكية ، زيارة أرادها الرئيس هادي والأوربيّون والأمريكان أن تكونَ ناجحة . فالرئيس هادي يرى في الزيارة ويريد من الزيارة – وهي الأولى مُنذ انتخابه رئيساً للجمهورية – تقديمَ وتسويقَ آلية الحكم الجديدة، عن قرب ، -آخذاً في الاعتبار ، تحولات ومتغيرات محلية ، إقليمية ودولية- ، التأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه ، الأمريكان و الأوربيون في التسوية السياسية ، وفي إنجاح مؤتمر الحوار الوطني ، تعزيزَ وخلقَ علاقة جديدة ، -آخذاً بنظر الاعتبار الشراكةَ والتعاونَ المتبادل- ، تحديدَ و طلبَ،دعمٍ لوجستي ،إداري ومالي ،تحتاجه مرحلة التحول ،طمأنةََ أطراف مؤتمر المانحين ضمن التزام يُفضي الى إيجاد «آلية» عمل إدارية ومالية ،قادرةٌ على توظيفِ واستغلالِ المنحٍ والمساعدات والقروض ورأسِ المال والاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر ،وقادرة على مكافحة «الفساد»وبالتالي تطبيق مفهوم«الحكم الرشيد» ، الالتقاء بأكبر عدد ممكن من مسئولي المؤسسات والمنظمات الحكومية والقطاع الخاص وممثلي منظمات المجتمع المدني و وسائل الإعلام . من جانب آخر ، فالأوربيون والامريكان يريدون نجاح الزيارة ، لاعتبارات : إظهار وتقديم رغبتهم ، “عن قُرب” ، في شراكة حقيقية مع اليمن ، تراعي وتأخذ بعين الاعتبار تحوُّلاتٍ ومتغيراتٍ ومفاهيمَ جديدة : الديمقراطية , حقوق الإنسان , حقوق المرأة , حرية الصحافة ,الحكم الرشيد ، اللامركزية ، التغيير ، العولمة وتحدياتها ، سيادة المستهلك ، المنافسة في تقديم الأفضل من السلع والخدمات ، السوق المفتوحة ، الشراكة ، الحاجة الى الاستثمار المباشر الأجنبي ..الخ ، ويريدون نجاح الزيارة ليؤكدوا “عن قرب” للحكومة اليمنية ، بضرورة توظيف واستغلال مقدار مناسب مما يُقَدَّم من مِنَحٍ ومساعدات وقروض في إصلاحات إدارية و اقتصادية وسياسية ، بما يؤدي الى أن تصبح اليمن - كدولة شريكة – قادرة على استيعاب الاستثمار المباشر ، وقادرة على إحداث تنمية حقيقية شاملة ومستدامة ، بمعنى نحن مستعدون كدول مانحة لتقديم الدعم والمساندة ، في حالة مغادرتكم ، “يا يمنيون” ، آلية عبثت بالمساعدات والمنح والقروض المُقَدّمَة لكم خلال عقود من الزمن وأوصلتكم الى ما أنتم عليه اليوم ، نحن مستعدون لتقديم المنح والمساعدات والقروض في ظل آلية جديدة قادرة على استيعابها و توظيفها في ما يخدم التنمية . البعضُ لا يزال يرى في المنح والمساعدات والقروض الأجنبية ، فرصةًً لحل مشكلة العجز في الموازنة الجارية الناتج عن : فساد , مرتبات ، نفقات عامة غير ضرورية ، توظف لشراء الذمم والولاءات ، ومراضاة لأطراف سياسية ، عسكرية وقبلية ، وفرصة اعتبارها إيرادات تحل محل ايرادات جارية ، لم تتمكن أجهزة الدولة من تحصيلها وتوريدها الى الخزينة العامة للدولة ، والقليل جداً تُنفذ به مشاريع خدمية ، مع غياب التوزيع العادل لها . منح وقروض ومساعدات , عبث بها الفساد ,ضمن سياسات و توجهات , أقل ما يمكن أن يقالَ عنها , أنها أَضَرَّت بالاقتصاد , أوجدت الفوضى الإدارية و المالية , و خلقت الصراعات بين الفئات الاجتماعية , و قليل من تلك المنح و المساعدات و القروض وُظِفَت من قبل الحكومات المتعاقبة كنفقات استثمارية لمواجهة بعض الالتزامات , كل ما تعمله تلك الحكومات رسم و تنفيذ سياسات , تضمن لها البقاء في السلطة , واقفة في خط الدفاع لمواجهة النظام الحاكم في الطرف الآخر , خوفاً من الزحف عليها , و بالتالي يخسرها أحد المعسكرين الدوليين , و في مطلع التسعينيات من القرن الماضي أُعلِنَ عن الوحدة وقيامِ الجمهورية اليمنية ، في تزامنٍ مع انتهاء الحرب الباردة ، وصولاً إلى حرب صيف 1994م ليبدأَ مشوارُ المعاناة وتدهور الوضع الاقتصادي ، والعدِّ التنازلي المُخيف للقوة الشرائية للريال اليمني . معطيات ومؤشرات ، مطلوب من الحكومة اليمنية أن تتعامل معها ، كونها تُمثل مُدخلات في عملية التحول والتغيير ، والانتقال السلمي للسلطة ، اللاعبون الرئيسيون فيها الأطراف الراعية ل «المبادرة الخليجية» وآلياتها التنفيذية المُزمّنة ، والأطراف المُمَثَّلة في«مؤتمر الأصدقاء»، والذي يُفَضَّل أن يُنظر إليه كونَه «مؤتمرَ الشركاءِ الإقليميين والدوليين». و مطلوب من الحكومة اليمنية تحديدُ أنشطة و مهام مرحلية جديدة لأعضاء الحكومة و المحافظين , والمعنيين في الجهاز الإداري للدولة , على المستويين المحلي و المركزي , يتم بها إصلاح الإدارة , الأمن , القضاء , مكافحة الفساد , و إصلاحات أخرى , و فتح قنوات تواصل مع القطاع الخاص و منظمات المجتمع المدني لغرض إشراكها في عمل دراسات أولية للمشاريع الاستثمارية و الخدمية , في مختلف المجالات , و شاملةً كافةَ المناطق و الوحدات الإدارية , تُسَوَّق لاحقاً من قبل الأطراف المعنية , محليا , إقليميا و دوليا . و كل ما نرجوه ونتمناه من مخرجات مؤتمر المانحين و الاصدقاء , دعم مالي و سياسي لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني , لتتمكن الحكومة اليمنية من إيجاد مناخ اقتصادي و استثماري , خالٍ من التشوهات و المنغصات الطاردة لمقومات و أركان “الشراكة” , و بالتالي تهيأت البلاد لتصبح قادرة على استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة , و على استيعاب منح و مساعدات و قروض وطنية و أجنبية كلها مُدخَلاتٌ تؤدي إلى خلقِ فرصِ عملٍ و تُحَسِّن من القوة الشرائية للعملة اليمنية , و بالتالي استقرار اقتصادي و سياسي بشكل عام ... تطلع نقرأه في زيارة الرئيس؟؟...