ظل الكتاب الورقي خير صديق للقارئ على مر العصور والأزمنة ، لكننا اليوم وفي ظل العصر الرقمي عصر التقدم المتنامي في تكنولوجيا الاتصالات وتبادل المعلومات أمام ظاهرة جديدة لاحظتها خلال زيارتي للعديد من معارض الكتاب الدولية والمحلية التي أقيمت خلال السنوات القليلة الماضية وآخرها معرض صنعاء الدولي للكتاب الذي اقيم مؤخراً في العاصمة صنعاء, هذه الظاهرة هي قلة او انخفاض الإقبال على شراء الكتاب الورقي من قبل العديد من القراء في مختلف المجالات والتخصصات العلمية والمعرفية , وفي المقابل تنامي الإقبال على الكتب الالكترونية المنشورة في مختلف وسائط الالكترونية المتعددة وشبكة الانترنت من مختلف شرائح المجتمع وخصوصا الشباب والمثقفين من الجنسين الذين يمتلكون القدرة والمعرفة في استخدام الحاسوب الآلي وشبكة الانترنت . وهنالك العديد من الأسباب أو المزايا لزيادة الإقبال على الكتب الالكترونية مقارنة بالكتب الورقية ,أبرزها : انخفاض أسعارها وسهولة حملها وحفظها واسترجاعها بالإضافة إلى إمكانية الحصول والاحتفاظ بمجلدات من الكتب في جيب القارئ من خلال وسائط التخزين الالكترونية للبيانات والمعلومات التي أصبحت صغيرة الحجم ولديها القدرة على حفظ أعداد وأحجام كبيرة من الكتب والمعلومات مثل : الفلاشات واسطوانات الدي في دي والسيدي روم .. وغيرها من وسائط حفظ واسترجاع المعلومات ، وأصبحت معارض الكتاب المحلية تحتوي في جنباتها على أجنحة ومساحات كبيرة للشركات المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والنشر الالكتروني وبرامج وتطبيقات الحاسب الآلي . كما أصبح الكثير من المثقفين والباحثين وخصوصا من الشباب يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر وعلى صفحات الانترنت وخصوصاً مواقع شبكات التواصل الاجتماعي وهجروا الكتاب الورقي , حتى المصحف الشريف أصبح اليوم متاحاً على أجهزة الهاتف المحمول وشبكة الانترنت والحاسوب الآلي وكذلك كتب الحديث والفقه والكثير من الكتب الدينية والثقافية ولم يعد سوى طلاب المدارس والجامعات - في بلادنا بالذات - يقتنون كتب وملازم ورقية تتمثل في المقررات الدراسية , وهم يتعاملون مع هذه الكتب إجباريا لغرض النجاح في الامتحانات ولا يعتبرونها أصدقاء لهم ..!! لأنهم يتخلصون منها بعد الامتحانات مباشرة , ولا يغيب عن نظري نهاية كل فصل دراسي بالجامعة منظر الكتب والملازم الدراسية ملقاة في أورقة وسلالم ومداخل الكليات ولجان وقاعات الامتحانات بشكل يرثى له ...!! بعد امتحان هذه المقررات من قبل الطلاب . لقد جاء النشر الإلكترونى إلى العالم كخطوة جديدة تعلن عن عالم أكثر رحابة للمعلومات ، تستطيع الكلمة فيه تجاوز كل الحدود والقيود التى تمنعها من ذلك ، بما في ذلك دور النشر التى كانت ولا تزال تملي شروطا قاسية على عدد من المؤلفين ، الذين قام عدد منهم (وخاصة في أمريكا) بناء على قناعتهم الذاتية بوجوب تجاوز كل ما يحول بين الكاتب والقارئ بإعداد كتبهم وبيعها مباشرة إلى القراء بواسطة النشر الالكتروني , ورغم ما تبديه دور النشر من تحفظ على هذا الأسلوب ( بيع الكتب إلكترونيا ) إلا أن متعة الحصول على المعلومات سريعا كما هي من قبل القراء جعل جماهير الكتاب تقبل على اقتناء مثل هذه الكتب التي عادة ما تتميز مادتها بالندرة والإثارة . وختاما أتساءل : هل كتب على الجيل القادم أن يترعرع أمام شاشة الكمبيوتر ، ليتلقى من خلالها معارفه ، مخلفا الكتاب المطبوع تذكاراً عزيزاً لزمن مضى ؟ وهل تتحول المعارف في عصر الإنترنت بأكملها من بطون الكتب إلى طيف ونسيج الوسائط الالكترونية المتعددة ، وبعد أن اعتمدنا في هذا العصر اعتماداً كلياً على أشياء شكك البعض في جدواها عند بداياتها كاعتماد الحاسبات في شتى مناحي الحياة ، هل ينجح الرهان كذلك على الإنترنت والوسائط الالكترونية المتعددة كأسلوب جديد للنشر يواكب حاجة الإنسان في عصر السرعة وتدفق المعلومات؟ وهل أصبح الكتاب الورقي في مرحلة الانحدار والنهاية الحتمية من رفوف مكتباتنا الخاصة والعامة ومن دائرة اهتماماتنا وتفكيرنا كأفراد وجماعات في العصر الحديث ..؟! أم إن لأصدقاء الكتاب والمؤسسات والهيئات والجمعيات المتخصصة بالكتاب رأى آخر ...!؟ * أستاذ التسويق المساعد - جامعة تعز