المتأمل في تاريخ الثورات العربية يجد أن مبعثها ومحركها الأول هم البسطاء والفقراء والمغلوبون على أمرهم.. ولكن يسطو عليها المتسلقون الانتهازيون أرباب المصالح الذاتية، والمنافع الدنيوية.. ثم يأتي بعدها جهابذة المذاهب والايديولوجيات الفكرية والسياسية والحزبية.. وخير دليل على ذلك مايحدث في مديريات صعدة، وحجة ومأرب وبعض المديريات النائية من أعمال تخريبية وغير أخلاقية، من قبل القوى الظلامية الطائشة الذين أساءوا كثيراً للاسلام ونقاء شريعته الغراء، وبالأخص للمذهب الزيدي المعتدل الذي يرفض مثل هذه السلوكيات الرعناء.. والأعمال الهوجاء جملةً وتفصيلاً التي يقوم بها أزلام وبقايا عهود الظلام والكهنوت والاستبداد.. محاولين استعراض أفكارهم المأفونة على البسطاء والسذج والسوقة من المواطنين في تلك المديريات النائية بقوة الحديد والنار والسلاح.. ان هذه الفئة المأفونة المضلة التي تحاول اليوم جر الوطن الى عهود الظلام والكهنوت والجبروت باسم النعرات العدنانية، والقحطانية والمذهبية والمناطقية لإثارة الفوضى والقلاقل والبلبلة بين ابناء الوطن الواحد، وافرازات سموم أفكارها الصفوية الإيرانية بين شباب اليمن لتمزيق نسيجه الاجتماعي والروحي والثقافي، وإحداث فجوة عميقة، وشرخ نازف في جسد الوطن.. وهذا مايريده لنا أعداء الوطن في الداخل والخارج.. وعليه فإن المؤسسة الدفاعية والأمنية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بفرض هيبة الدولة، وعدم التساهل مع أي فئة أو جماعة تحاول العبث بأمن واستقرار الوطن والمواطنين.. فهناك ثوابت وطنية ودينية يجب الجميع ان يقف عندها وقفة إجلال وتقدير وعدم مسها بسوء.. وعلينا أن ندرك ان المؤسسة الدفاعية والأمنية هي «حزب اليمن الكبير» والمؤسسة الوطنية العملاقة، والدرع الواقي، والصخرة الصلداء التي تتحطم عليها كل مؤامرات ومماحكات ودسائس الأعداء أياً كانوا، وعلى اختلاف مشاربهم وألوانهم واطيافهم السياسية أو الحزبية أو المذهبية أو الفكرية.. فأمام المؤسسة الدفاعية والأمنية اليوم مهام ومسؤوليات عظيمة وجسيمة خاصةً في هذه المرحلة المفصلية المهمة في تاريخ الوطن، فالبناء الداخلي، وترتيب أوضاع القادة والوحدات والمعسكرات، وإعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس علمية وعسكرية حديثة بعيداً عن الولاءات الضيقة، والانتماءات الجهوية، وألوهية الأشخاص وتقديسهم. فالجيوش تبنى لحماية الأوطان والمواطنين،.. فالجيوش الحديثة ينبغي ان تبنى على أسس وقواعد ومبادئ علمية وعسكرية ووطنية قائمة على الولاء الوطني الصادق، والعقيدة العسكرية المستمدة من قيم وأخلاق وتعاليم اسلامنا الحنيف.. دون ذلك سنكون كالريشة في مهب الريح.. فالأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رغم عظم المسؤولية، وثقل الأمانة، وخطورة المرحلة- الا انه استطاع بحنكة العسكري المجرب، والقائد الخبير أن يضع يده على الجرح النازف الذي عانى منه كثيراً كافة أبناء الوطن شمالاً وجنوباً، وأن يقطع الطريق أمام كل الحاقدين والمارقين وأعداء الثورة والجمهورية والوحدة الذين يستغلون أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية، ويجيرون احداثها لخدمة مصالحهم الذاتية، ومآربهم الدنيوية.. ولا تهمهم مصلحة الوطن العليا.. ولا أمن واستقرار وتقدم وازدهار البلاد.. ان هؤلاء النفر النشاز وأمثالهم قد تجردوا من كل القيم الوطنية والدينية والانسانية والاخلاقية من أجل تحقيق مصالحهم الآنية.. ان الذين وضعوا من لبان المذاهب الصفوية، والأفكار المتزندقة عليهم ان يستفيدوا من تجارب ودروس التاريخ -قديماً وحديثاً- وان سهامهم ورماحهم سترتد الى نحورهم وصدورهم عاجلاً أم آجلاً.. فاليمانيون عاشوا معاً وسوياً منذ قرون- شوافع وزيود- في أمن وأمان وسلام، وما قضية التشيع الصفوي القائم على «ولاية الفقيه» الا فتنة نائمة أراد ايقاظها العملاء الذين لهم مصالح وأجندة مع دول خارجية تريد مد نفوذها المذهبي والفكري والطائفي وصولاً الى تقسيم اليمن الى دويلات صفوية، وحوزات حسينية، وطوائف إثنية.. هدفهم من كل ذلك تمزيق شعوب الأمة الاسلامية على أساس طائفي ومذهبي وعرقي كي لاتقوم للاسلام قائمة حتى يمدد النفوذ الفارسي رجليه وأذنابه وأزلامه في شبه جزيرة العرب.. وهذا ما يتمناه الفارسيون اليوم قبل غد.. رغم مرور 1400 عام تقريباً على ولاية العلويين.. ان الذين يعزفون على أوتار المذهبية والطائفية والسلالية، معتقدين أنهم بتلك الأعمال الارهابية سوف يفرضون آراءهم وأفكارهم ومذهبهم، هم واهمون ومخطئون في حساباتهم..عليهم ان يثوبوا الى رشدهم.. ويعلموا علم اليقين ان الأعمال الطائشة، والسلوكيات الرعناء، وأساليب البطش والقوة والتعنيف لا تورث إلا الاحقاد والضغائن والكراهية.. فالوطن في حاجة ماسة لصفاء القلوب.. ونقاء الصدور.. وكلنا في سفينة واحدة، فإما الابحار بها نحو شاطئ الأمان.. وإلاَّ سوف نهلك جميعاً.. وحينها لاينفع الندم..!!