ليس ثمة ما هو أجمل من أن تسود روح المبادرة ، وروح الإيجابية ، وتطفو على «سيمفونية» الحياة المتدفقة ؛ التي ينبغي أن نعيشها أجيالاً بعد أجيال ؛ ليس لإحداث مزيد من الضوضاء ، والإيقاعات الصاخبة ؛ بل لإضفاء الانسيابية المطلوبة ، واستعادة الروح الجمالية الرائعة لوطن جميل ونظيف ، ولمجتمع كان مبدعاً ، وما زال حضارياً ، وسيبقى في سجل التأريخ كذلك ؛ بشهادة الأفعال المعمدة بالإنجاز ، والمؤكدة بالإعجاز ؛ لولا ما تكالب على هذا المجتمع من تسلط الجمود ، والتعطيل ، والكبح ، والفساد ، وتحويل مختلف مناحي الإبداع إلى هياكل مفرغة من مضمونها ، وغياب منظومة المقاييس ، والمعايير التي ينبغي أن تكون سائدة ، ومتسيّدة في السياسة ، والاقتصاد ، والصناعة ، والإدارة ، والأدب ، والثقافة ، والفن ومختلف مناحي الحياة ، ومناشطها . لذلك ؛ سنبقى بحاجة لمن ينظفون هذه الصورة بمختلف وسائل التنظيف ، ولمن يبادرون ، ويحترمون في الوقت نفسه مبادرة الآخرين البناءة ، بل يحفزونها ، ويدفعون بها إلى الأمام ؛ للوصول إلى مجتمع إيجابي ، ونظيف ، وفاعل ، وقادر على صناعة الجديد في مسيرة التغيير التي دشنتها مبادرة الثورة الشبابية التي نهض بها الشباب ابتداءً ، وقدموا من أجلها قرابينهم الغالية استمراراً ، وانتصاراً، وإصراراً ؛ مع الاستعداد للتصعيد ، وتقديم المزيد للوصول إلى أجلِّ لحظات العملية الإبداعية الرائعة ، المتمثلة بانتصار الجديد ، ودحر القديم المترهل بكل قواه ، وقاذوراته ، وصوره المقيتة . هذه المبادرة // الأمل المتجدد// في ربيع الثورة والوطن ، والشباب المبادر ، لا يمكن أن تكون ، أوتأتي إلا من روح نظيفة ، جديدة ومتجددة ، تمثل الروح الثائرة ، المتعطشة للتغيير ، الروح التي تطهرت في شلالات التضحية ، وواجهت الرصاص ، والمدافع ، والصواريخ ؛ بصدور عارية ، ولم تنتظر المقابل في طوابير العراك “ البقري “ في شارع التحرير ؛ مقابل سفك الدماء البريئة ، وقتل الرضع ، والنساء ، وقطع خدمات الكهرباء ، وضرب أنابيب النفط ، والغاز الذي تكرم به البعض على الخارج ، وباعه لهم بتراب الفلوس ؛ مقابل تحريمه بفتوى الشيطان على فقراء البلد المنغص بالطغيان الذين عادوا حقباً كثيرة إلى الخلف ؛ فاضطروا لاستهلاك الحطب ، ونفايات الحيوانات ؛ ويا للأسف !! وإذا كانت الأعمال العظيمة قد بدأت على الدوام بمبادرات إبداعية ؛ كما هي ثورة الشباب في ربيعهم الدافئ الجميل ؛ فإن المبادرات نفسها لا يمكن أن تشرق ، وأن تزهر ،وتثمر، وأن تغدو واقعاً مخضوضراً ؛ ما لم ينهض بها رجال ونساء مبدعون ، نظيفو الجيوب ، ونظيفو القلوب ، والنوايا . وحتى يتحقق ذلك سنبقى ننتظر تخلق ونضوج قيادت قادرة على صناعة المبادرات .. قيادت تأريخية كعبد الله السلال ، وسالم ربيِّع علي ، وإبراهيم الحمدي ، ومسؤولين كباراً ومحافظين في مختلف صعد الحياة ، فهؤلاء هم من يحتاجهم الوطن لبدء مسيرة التغيير ، وصناعة الغد المزدهر ، تجدهم اليوم مع الفلاحين ، وغداً في المصانع ، وبعد غد في الأسواق .. يسمعون عامل النظافة مثلما يسمعون المهندس ، والطبيب .. يشاركون البسطاء أعمالهم ، ومبادراتهم .. يكنسون المدن بأيديهم ، يزرعون الأرض ، لا حراسات مدججة ، ولا مواكب مزعجة .. يطوفون ليلاً بأسواق مواطنيهم .. يسألون عن الأسعار .. لا يكتفون بالتقارير ، ولا يأنسون إلى وشايات «الطراطير» هؤلاء هم المبادرون .. من يحتاجهم الوطن الآن ، لصنع الغد ، وكل غد ، والحذر من الدجال .. الحذر ، فصوره كثيرة ، وحيله غفيرة ... [email protected]