في ال22 من اكتوبر من كل عام تحل علينا ذكرى فقيد الصحافة اليمنية عبد الحبيب سالم مقبل وهذا العام ذكراه ال 17 فقد حمل عبد الحبيب سالم قلمه وحوله إلى معول بناء في ألف باء حرية التعبير والشجاعة الصحفية والتعددية السياسية في الممارسة، ونحن نتذكر الحبيب عبدالحبيب اليوم نترحم عليه ونقرأ الفاتحة إلى روحه الطاهرة لقد شكل ثلاثي مدرسة صحفية متميزة مع عز الدين سعيد احمد والشهيد عبدالله سعد، علينا أن نواصل دعواتنا لتدريس اساليبهم ومقالاتهم وسيرة حياتهم وتجربتهم الصحفية في كليات واقسام الإعلام في الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة . ويمكن القول إن عبد الحبيب سالم تفر في إطار هذه المدرسة الصحفية التي ولدت في أحضان صحيفة الجمهورية بتعز العز وتعز الحرية والثورة وأشعلت اول قناديلها على صفحات صحيفة الجمهورية فأصبح عبد الحبيب سالم الفرع الزاكي في مدرسة صحيفة ولدت في أحضان صحيفة الجمهورية بتعز ستظل الإجيال تنقب عن تميزها ومميزاتها فكل فرع من فروع هذه المدرسة الصحفيةالثلاثية” عبد الحبيب - عبد الله سعد – عز الدين” تفنن بتفرده وتميزه حتى كاد يصبح مدرسة مستقلة بذاته، ولست هنا في مجال التطرق إلى ذلك فهو يحتاج إلى دراسة أكاديمية مستقلة في اقسام وكليات الإعلام نتمنى أن يقوم بها الجيل الجديد من دارسي ودارسات الإعلام في اليمن . وفي محراب التذكر أجلس اليوم بعد 17عاماً فأقول - وكلامي هنا موجه للشباب أجيال الصحافة - لقد كنا ننتظر مقالات عبد الحبيب سالم الأسبوعية بشغف وشوق نقرأها فترتجف قلوبنا وترتعش أهداب عيوننا مما نقرأ ونتلف يميناً ويساراً من الخوف لإننا كنا لازلنا طريين ومبتدئين وألف باء في مرحلة التعددية السياسية والديمقراطية وكان الناس خارجين من مراحل القمع والسجون والمطاردات والتكفير والتفسيق والتجريم للحزبية فكانت مقالات عبدالحبيب سالم تمدنا بالزاد الأسبوعي لمواجهة الظلم والتعسف وتشعل فينا جذوة النضال لتجذير الديمقراطية وكلنا معشر الصحفيين والكتاب كنا ننتظر مقالات عبد الحبيب لنتزود منها جرعات الشجاعة والإقدام وكان من بيننا ونحن والخارجين من سنوات القمع والشك والريبة من ينسخ من خيالاته قصصاً حول عبدالحبيب سالم فمن متحدث عن دعم قوي للرجل من مراكز قوى تتمتع بنفوذ قوي في البلاد إلى متحدث بإتهامات للرجل ما أنزل الله بها من سلطان عن علاقات حزبية متينة للرجل أو علاقات بأجهزة، لما كان يتطرق إليه في مقالاته التي كانت تتسم بالشجاعة غير المعتادة لدينا، فقد تناول كبار القوم وعلية المجتمع وقادة مراكز القوى جميعها العسكرية والمشائخية والمدنية صاحبة مشاريع “ النخيط” أو تلك الصامتة الراضية بالمقسوم، فظلمنا أنفسنا وظلمنا الرجل الذي حول قلمه إلى مشعل للنور وقنديل للشجاعة يهتدي به الكتاب والصحفيون من بعده إلى اليوم . لقد كانت تناولات عبد الحبيب سالم ومقالاته الجريئة لمراكز القوة وكبار القوم وراء تلك التخمينات التي كانت تعكس مرضاً سيكوباتياً لدى الكتاب والصحفيين، كما كانت تعكس غيرة وحسداً من كاتب بلغ الذرى في وسط صحفي وثقافي يستجير أمراض الماضي والصراعات والمؤامرات بين قوى التجديد والحداثة التي لا زالت تتسرب بعض منها إلى اليوم بعد ما يقارب ال20 عاماً من الخروج من العمل السري إلى العلني ومن العمل الحزبي الضيق إلى العمل الجماهيري الاجتماعي الواسع واستوعب مصطلحات ومفردات التعددية السياسية والديمقراطية واستشرف سريعاً متطلبات المرحلة منذ بدايتها في بداية التسعينيات، فتعلم عبد الحبيب كيف يجرع مراكز القوى المتنفذة في البلاد من كل المناطق والمساحات الجغرافية كؤوس من الديمقراطية المرة فشربوها مكرهين برغم مرارتها كما جرع قمة النظام واعوانه والمتنفذين معه نفس تلك الكؤوس المرة من الديمقراطية ونال الصحفيون والكتاب من تلك الكؤوس. وفي محراب التذكر فلا بأس أن انتقل من العام إلى الخاص فقد اشتعل الرأس شيبا و كغيري من الصحفيين والكتاب ظليت أتابع مقالات وكتابات عبد الحبيب بشغف كبير وكنت احتفظ بالمقالات بعد أن أقصها من الصحف في ملف خاص وكأن القدر كان يوجهني لذلك ويقول بلغة غير مسموعة ستفقدون مثل هذه الكتابات فأحتفظوا بها لتكون زاداً لكم، وحرصت أن لا يفوتني منها مقالاً ومع هذا فاتتني بعضها خاصة عندما كانت تصادر صوت العمال أو تمزق صفحاتها التي كتب بها عبدالحبيب وأتذكر اليوم بعد 17 عاما على رحيل عبد الحبيب سالم مقبل أن لجنة التأبين التي تشكلت من البرلماني طاهر علي سيف وعز الدين سعيد أحمد الأصبحي وآخرين كانت تبحث عن مقالات عبد الحبيب سالم وقد قابلت الصديق العزيز عز الدين في شارع الرقاص بصنعاء يومها وجرى حديث بيننا حول حفل تأبين الفقيد عبد الحبيب فقلت للصديق عز الدين إن رحيل عبدالحبيب خسارة كبيرة للوطن وليس لنا نحن الصحفيين، وأوعدته بأني ساسلمه ملفاًُ يحتوي على مقالات عبد الحبيب ولكن ليست كلها لكنها اغلبية ما كتبه، فأبرقت عيناه بنظرة رضى وتهلل وجهه يإبتسامة إعجاب وأوفيت بوعدي والتزم هو بشرطي فأعاد لي الملف وكان الصديق عز الدين وفياً كعادته ولازلت احتفظ بملف مقالات عبد الحبيب في نفس الملف..ايها الصديق عز الدين كما هو وبنفس لونه أعود إليه كلما اردت أتزود من عبد الحبيب، ولم أكن اتوقع من عز الدين أن يفاجئني بشكر في مقدمة كتاب التأبين وكنت لا اريد ذلك فعاتبته في أول لقاء فقال لي: هذا حقك ولإني اعرف أنك تزهد في ذلك فلم اغمطك حقك برغم أني لم اقم بأي عمل آخر . وأخيراً .. أدعوا جميع المثقفين والصحفيين والكتاب في محافظة تعز بأن يسعوا بكل ما يستطيعوا أن يخلدوا مآثر الصحفي والكاتب عبد الحبيب الذي جرع النظام ومراكز القوى كؤوس الديمقراطية المرة بكل شجاعة واقتدار وحمل رأسه بين كفيه بعد كل مقال كان يكتبه . وادعوا مؤسسة السعيد للثقافة ممثلة بالعزيز فيصل سعيد فارع أن يتم تخصيص جائزة للصحافة باسم عبد الحبيب سالم ومحافظ تعز الشاب شوقي هائل أن يقترح على مجلس مدينة تعز تسمية قاعات عامة في تعز باسم عبد الحبيب سالم وكذلك تسمية أحد شوارع تعز باسمه وهذا ليس كثيراً على الحبيب عبد الحبيب فهو يستحق التكريم بأكثر من ذلك . والله من وراء القصد. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=455485261157221&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater