في آخر مناظرة بين مرشحي الرئاسة الأمريكية باراك أوباما ومت رومني ، سأل المذيع الأخير عن سياسته في التعامل مع الأوضاع في سوريا ، وكانت أجابته بمجملها توحي باستمرار النفاق الأمريكي في التعامل مع إيران في المنطقة العربية وتبعاً لها مع الحوثيين في اليمن، وقد وافقه بذلك أوباما وأكد أنها ذات السياسية التي يتبناها هو.. الرؤية الأمريكية تتلخص بأن نظام الأسد في سوريا حليف لإيران التي تهدد أمن وسلامة إسرائيل والتي هي حليفة أمريكا، حسب رأي المتنافسين في الانتخابات، ومن هذه الإجابة يمكن قراءة العديد من النقاط ، أهمها استمرار سياسية النفاق وعمقها الذي يحفظ استمرارها ، وأن أمريكا رغم ما وصلت إليه من القوة والسيطرة لا تزال تعتمد على مثل هكذا أساليب. وقبل الخوض في المزيد لابد من التأكيد على الحقيقة التي ننطلق منها ولا يخالطنا شك حولها للحظة، وهي أن إيران وأذرعها في المنطقة، وعلى رأسها نظام الأسد، لم تكن يوماً خطراً على الكيان الصهيوني بل حليف، وإثبات هذا يحتاج إلى تناولات خاصة، لكنه الحق وكل ما في الواقع يؤيده، ويراه المبصرون الذي لم تستطع الآلة الإعلامية العالمية التأثير عليهم وطمس الحقائق. إن التصريح الأمريكي للمرشحين للرئاسة يثبت أن أمريكا الدولة العظمى التي تحكم العالم ماضية في سياسة النفاق وتضليل الشعوب، وكل ذلك إرضاء لجماعة الضغط الصهيونية في واشنطن، وإلا ما معنى أن تخاف إسرائيل من إيران وهما وجهان لعملة واحدة تقتل الشعوب العربية، ولم ولن يتحارب الإيرانيون بنظامهم الطائفي العنصري مع إسرائيل ولو صنعوا ألف قنبلة ذرية. لا تستطيع الآلة الإعلامية العالمية أن تقنعني أن بينهما خلافات وأنهما خطر على بعضهما، بل إن إيران الخمينية مكنت لإسرائيل ترسيخ دولتها من خلال حروبها ضد الدول العربية ورعايتها للمشاريع والجماعات التخريبية.. وما بقاء الأسد رغم الثورة الشعبية العظيمة ورغم الموقف العربي الواقف إلى جانب الثورة إلا صورة من صور الحقيقة التي تبين أن الغرب وإسرائيل لم يقرروا بعد سقوط جسر التواصل الصهيوني الإيراني في سوريا، والموقف الغربي لا يزال يتعامل بلامسؤولية ونفاق.. اليوم يتحدثون في اليمن عن أن أمريكا تتجه لإدراج جماعة الحوثي ضمن المنظمات الإرهابية، وهذا أمر من المستحيل أن يتم في ظل المؤشرات الحالية، فلا مؤشر عن أن واشنطن ستترك سياسة النفاق مع إيران، وهاهي تقصف المشتبهين بالقاعدة ولا تلتفت إلى الحوثي. تصريح رومني الذي وافقه فيه أوباما، ظاهره الدفاع عن الحليفة إسرائيل من إيران وهو في الحقيقة يقتضي التعهد بمواصلة النفاق والدفاع عن إيران وإسرائيل القوتين اللتين تخربان في المنطقة العربية.. وإلا أين تهدد إيران إسرائيل؟.. ستكشف الأيام للناس أنه نفاق وزور وأن المصدقين الآن واقعون تحت تأثير آلة الإعلام العظمى التي تصنع أولوياتهم وتقدم وتؤخر القضايا التي تريد، وفي الواقع لا خلاف بين إسرائيل وإيران، وإنه لحق مثل الليل والنهار. رأيناهم وهم يحرقون العراق ويقتسمون ثرواته ورأيناهم وهم يذبحوننا ويمتصون دماءنا في كل مأساة عربية وإسلامية وإن كانوا قد اختلفوا قليلاً، فإن اختلافهم حول الطريقة التي يتم قتلنا بها، حيث ان اليهود أقل عنفاً وجرأة على القتل، بينما فعل الخمينيون ما لا يرضى له بشر. والعراق الذي راح منه الملايين شاهد على ذلك. لن تغير أمريكا سياساتها تجاه الحوثيين لمجرد اقتحام السفارة في صنعاء في مشهد أساء لليمنيين، لأن تغيير السياسات مرتبط بالسياسة الأمريكية تجاه إيران، ، وهذا ما يجب أن يعلمه الناس، ولا يتعاملون بسذاجة، لأن القضية أكبر مما يلحظون، وقد تضطر واشنطن إلى الضغط على الحوثيين إذا شعرت بأنه يهدد المرحلة الانتقالية، وهذا الضغط لا يعني تحولاً جذريا في الموقف الأمريكي، بل بما تقتضيه السياسة، إلا إذا كانت قد غيرت سياساتها مع إيران.