أوقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه في مرمى الفلسطينيين بتصريحه لإحدى الجرائد الإسرائيلية بأنه لن يسمح بقيام انتفاضة ثالثة ضد اسرائيل ويقر بعدم الحق في الإقامة في اسرائيل في الأراضي التي احتلتها عام48م أو مجرد زيارتها وأكد تمسكه بالدولة الفلسطينية في حدود 67م وعاصمتها القدس الشرقية. فأول ما اُتهم به عباس هو التفريط بالأرض وبحقوق اللاجئين في العودة إلى ديارهم واتفقت الفصائل الفلسطينية والشعب في غزة والضفة على رفض هذه التصريحات باعتبارها تدعم موقف نتنياهو الذي شكل تحالفاً مع افيجدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا لخوض الانتخابات دعا نتنياهو لاجرائها مبكراً في قائمة واحدة للتغلب على بقية الأحزاب الاسرائيلية. وقد التزم القادة العرب الصمت حتى الآن في انتظار ما تسفر عنه هذه التصريحات التي أسميت تنازلات من ردود أفعال فلسطينية ولمن ستكون الغلبة؟ هل لحماس وألوية الناصر صلاح الدين والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية التي أكدت في بيانات باسمها أنه لايعنيها ما تحدث عنه عباس ولايمثلها بل لايمثل منظمة فتح التي يرأسها ، لأنه أي عباس تجاوز المحظور وأضاف قائمة طويلة من الانقسامات وباعد بين المعتدلين وبين المتشدين من ناحية وبين الحلول المقترحة منذ سنوات لقيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة اسرائيل وإن كانت حكومة نتنياهو ومن قبله ايهود أولمرت وكل رؤساء حكومات اسرائيل منذ قيامها قبل خمسة وستين عاماً ترفض باستمرار أي حديث عن حل القضية الفلسطينية باعتبارها مفتاح حل مشاكل الشرق الأوسط التي ترتبت عليها. ربما اختار محمود عباس هذه الوقت للتذاكي على اسرائيل والولايات المتحدة والعرب والفلسطينيين في مقدمتهم كما فعل الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة عام 64م وكان مؤتمر القمة العربية الأول يعقد في القاهرة بدعوة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما اقترح قيام مفاوضات مباشرة مع اسرائيل يشترك فيها القادة العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون بقيادة أحمد الشقيري لاعتقاده أن ذلك هو الحل المضمون والممكن محذراً من خطورة تفويت الفرصة قبل أن تقوم الحروب وتضيف اسرائيل إلى رقعتها التي كانت قبل حرب يونيو – حزيران عام67م. فانهالت عليه وسائل الإعلام العربية وفي مقدمتها المصرية والسائرون في ركابها في بعض الأقطار العربية، ولم تدرك أن بورقيبة كان يستقرئ المستقبل إلا بعد وقوع هزيمة 67م التي سُميت نكسة ولكن بعد أن احتلت الضفة الغربيةوالقدس والجولان وسينا وأغلقت قناة السويس وطابا ومضائق تيرن على البحر الأحمر، ومع فارق المكان والزمان يشعر الكثيرون أن مالم يكن في الحسبان سيحدث هذه المرة في كل من غزةوالضفة الغربية في ظل اندلاع ثورات الربيع العربي وظهور أنظمة جديدة تصفها اسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا متطرفة يهيمن عليها الشباب المتدينون.