المعركة الإنتخابية الأمريكية الراهنة تمثل ذروة المجابهة المريرة بين رؤيتين ومنطقين في إدارة الولاياتالمتحدة .. رؤية ترى أن من الأهمية بمكان مراجعة الثوابت القاتلة للسياسة الأمريكية المألوفة منذ الحرب العالمية الثانية، ويمثلها الديمقراطيون ومن يتحالف معهم.. ورؤية أخرى ترى في ثوابت تلك السياسة سبباً في التفوق الأمريكي على مدى عقود طويلة من التربع على عرش القوة الكبرى التي لا نظير لها، وهذه الرؤية يمثلها الجمهوريون المُتشددون دوماً، والمنشدُّون باتجاه اليمين الفاقع. وإذا ما أضفنا إلى ذلك كامل الخرائب العالمية التي نجمت عن سياسات اليمين الجمهوري المؤدلج بالقوة والمال، سنجد أن من الطبيعي أن يهتم العالم برمته بما يجري في هذا البلد، وتلك الإدارات المتعاقبة التي ملأت الدنيا ضجيجاً وصخباً، ولم تحرق الآخر الإنساني فحسب، بل أدخلت الولاياتالمتحدة في أزمة داخلية غير منكورة من الجميع. بالأمس القريب كانت مناظرة أوباما ورومني، وبدا واضحاً أن الجمهوريين وجدوا ضالتهم في مرشح سافر الوضوح في نزعته اليمينية، وقادر على الحديث ببرودة الواثق الذي أُخرج لتوِّه من ثلاجة الموتى الأحياء، المستعد جداً للجدل البيزنطي الذي لا يغني عن الحقيقة.. وبالمقابل كان أوباما وكعادته .. حاضر البديهة .. ممسكاً بجمرة الضنى الشديد، لكونه يمثل الديمقراطيين التوَّاقين إلى الخروج من عنق الزجاجة الضيِّقة لليمين الإمبريالي السافر.. لكن أوباما يواجه هذه المرة شراسة غير مسبوقة، بل تحدياً سافراً، ولا أود هنا الحديث مجدداً عن الطائفية المسيحية الضيقة لجماعة المورمون التي ينتمي إليها مرشح الجمهوريين، لكنني أزعم أن هذه الخلفية الدينية الطائفية الضيقة تجعل رومني أقرب إلى الريغانية المتجددة القائلة بحتمية تبني برنامج حرب النجوم .. المقيمة في مزاعم القائلين بشرعية الحروب الدائمة، بل أهمية الإقرار بأن الحرب الهرماجدونية القادمة تعبير عن التمسك بإرادة الرب وقراره السابق على اختياراتنا!، فتأملوا معي هذه الفادحة السياسية الأيديولوجية المجنونة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=460775503961530&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater