وكانت .. صفعة ،هوت بها يدي على وجه تلميذ في مدرستي. لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام ثورته. لقد كان في قمة غضبه والشرٍر يتطاير من عينيه موشحاً بكلتا يديه مما جعل جميع من حوله يبتعد ما عدا .. أنا!. كنت أرى أمامي شبح طفل ضائع لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، تحيط به أهوال الضياع من كل جانب، أباً غيبته الأنانية وعدم تحمل المسئولية ...وأماً تكابد الويل ليلبس ويأكل أفضل من الناس أجمعين، ودنيا تهيئ له فرص الضياع (انترنت وأصحاب أكبر منه حتى أن بعضهم يفوق عمر والده بمراحل).. ومجتمعاً تسود فيه ثقافة العنف وتختصر الرجولة فيه ب «علاقي» القات ومسدس محشور في حزام البنطلون. كنت أرى مستقبل تلميذي أمامي وهو يلوح مهدداً وبتصميم على قتل من يعترضه، وينتظره في الباب مجموعة من الشباب أكبر منه سناً .. يقول إنهم أصدقاء حارته ومسدساً كانوا قد سربوه له في نهاية الدوام المدرسي أتوا ليناصروه على من يهدده . فلم أدرِ بنفسي إلا وأنا أوجِّه صفعة مدوية هويت بها على وجهه لأسكن الغاضب الماثل أمامي، وبها سكن وهدأ وعاد ذلك التلميذ ينظر حوله وحيداً، يمد يده احتياجاً للعطف والحنان. لم أنم ليلتي قلقة عليه، فجميع تلاميذي هم أبنائي، وتأنيب ضميري الذي دائماً ما يعاف العنف و استخدامه بأي شكل من الأشكال، إلا أن الصفعة كانت ضرورية ليقف أمام نفسه ويشاهد إلى أين وصل به الأمر . وعند الاجتماع بالمعلمات والمختصات بالمدرسة كان رأي الجميع أنه لا بد من التخلص من هذا التلميذ الذي قد يسيء لسمعة المدرسة و..و..و.. لم أستطع أن أفكر بطريقتهم، و لم أرضَ أن يكون للمدرسة يد في ضياع مستقبله، فنحن هدفنا الأساسي هو التربية، ويدٌ تمتد لتساعد ولي الأمر في إكمال و معالجة ما يعانيه ابنه أو ابنته. لا يمكن أن نهرب من مسئوليتنا التي سيحاسبنا الله عليها، ولن أفشل بالهروب من هذه الأمانة، فقد كان في النهاية تلميذاً في داخله ضعف وخوف من جميع ما حوله ولم يجد في تلك اللحظة وسيلة تشعره بالأمان يحافظ بها على كرامته والتي يعتقد أنها أهدرت إلا العنف .. وهو في الحقيقة يحتاج إلى حب من نوع آخر يحمل في طياته تشجيعاً على تحمل أكبر للمسؤولية وقلقاً على مستقبله. صممت أن تكون مدرسته هي بداية طريق المساعدة ومد يد العون له ولأسرته.... صممت أن تكون مدرسته هي الأم الثانية .. صممت أن تكون مدرسته هي الأب الصارم. وكان ثمن بقائه في المدرسة ..صفعة!!! “”ودمتم ،،،