بعيداً عن يوم الغدير.. سنة التفاضل سنة إلهية وكونية فلا تستوي الأوقات عند الله ولا الأيام ولا الشهور ولا الأماكن ولا الجنة ودرجاتها وأصحابها من (النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)...الخ. والاصطفاء أو التكريم لأفراد من بني آدم كقوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) لا يعني هذا الأمر أنه يتنافى أو يتعارض مع الدعوة إلى المساواة والحرية ؛وإلا لماذا فضل الله بعض رسل على رسل آخرين كأولي العزم؟ ولماذا كان أفضل الرسل على الإطلاق هو سيدنا محمد القائل: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )؟ ولماذا اختص الله بيت رسوله بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم تطهيرا (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دون سائر البيوت ؛ ولماذا الصلاة على (آل الرسول) التي يحذفها الكثير كتابة ونطقاً مجاراةً لحقبة زمنية سابقة؟!.هل في كل ذلك مجاملة ومحاباة أسرية نحو الرسول جل الله عن ذلك أم أنه اصطفاء؟! ولماذا فاطمة سيدة نساء العالمين؟ ولماذا حاز علي بن أبي طالب عليه السلام أكثر الفضائل من سائر الصحابة بل فيه نزلت آيات كثيرة بحسب كبار المفسرين من علماء السنة، وهناك ما لا حصر له في فضائل أهل البيت لماذا كل ذلك .. هل لأجل الفخر على الناس والترفع كما يفهمها البعض اليوم؟ دعونا من حادثة الغدير الآن مع أنها مناسبة عظيمة تحدث عنها أكثر من مصدر كمسند أحمد وهناك أحاديث صحيحة صريحة أوردها الألباني في سلسلته تؤكد ولاية علي كقول رسول الله (وهو وليكم بعدي وهو مني) وحديث (أنت ولي كل مؤمن من بعدي) المجلد الخامس ص 262؛263. أكثر من كل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالتمسك بأهل بيته كما ورد في حديث (الثقلين) وقرنهم بالقرآن وعدّ التمسك بكتاب الله وبأهل بيته منجيين من الضلالة. الشيء الذي يدعو إلى التساؤل والاستغراب هو:لماذا معظم مشايخنا ودعاتنا لا يذكرون حديث الثقلين والبعض إن ذكره يلبس في الحديث عنه؟ ولذا تتعجب حين تكتشف أن الغالبية من طلبة العلم الشرعي عندنا لم يسمعوا بحديث الثقلين ناهيك عن العوام؛ أليس في ذلك خيانة علمية وكتم للعلم يستوجب إلجام صاحبه بلجام من نار؟ مشايخنا دائما ما يذكرون حديث الثقلين بصيغته المرسلة (تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) مع أن الحديث المتواتر موجود في أصح الكتب بصحيح مسلم ومسند أحمد وغيرها من الكتب وهو (تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) والعترة معناها: أهل بيته. أليس من باب الأمانة العلمية، ومن المفترض أن يقولوا وفي رواية أخرى ويأتوا بهذه الرواية المتواترة كما نسمعهم دائما يأتون بأكثر من رواية حول أصغر المواضيع ؟! القضية واضحة لأنهم يدركون دلالة المعنى ومقصده ولذا يتجاهلونه؛ لكنهم لا يستطيعون نكران أنه ورد على لسان سيد الخلق. إذن السؤال هو: هل آل البيت لهم مكانة ومنزلة خاصة كما في حديث الثقلين (كتاب الله وعترتي) أم لا ؟ علماً بأن حديث الثقلين لم يحصر أهل البيت بعلي وفاطمة والحسن والحسين فقط.. إنما قال (ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) بمعنى أنه ملازم لهم حتى قيام الساعة.طبعاً من المؤكد أنه لا يستوي كل من ينتسب لأهل البيت في الصلاح والاستقامة على مدار العصور.. فقط نريد من البعض أن يفسروا لنا لماذا أعطى الله ورسوله أهل البيت هذه المكانة دون سائر الصحابة والناس إلى اليوم ؟ وإذا لم يكن اقتران الكتاب بالعترة والتمسك بهما منجيين من الضلالة خاصية وتفضيلاً لأهل البيت لتحمل (الولاية) فماذا يعني ذلك؟ مشايخ السنة وأتباع المذهب السني واقعون تحت أمرين أحلاهما مر.. فإما أن يقروا بما جاء به أهل البيت والتصديق (بالولاية) أو أنهم ينسفون كل الروايات الصحيحة في الكتب المعتبرة خصوصاً البخاري ومسلم وبقية الصحاح وأقوال أشهر علمائهم وهذا من عاشر المستحيلات.. فهل يستطيعون ذلك؟. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=462207887151625&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater