في أول حديث صحفي له بعد عودته من المنفى للمشاركة في أعمال لجنة الحوار ،أكد السياسي الجنوبي المستنير لطفي شطارة أنه لايوجد خيار أمام اليمنيين في الشمال والجنوب إلا الحوار . وحول امكانية إختلاف اليمنيين في الحوار إذا ما حدث ذلك أو في حال عدم اتفاقهم أجاب شطارة إنه لامناص من الاتفاق على مخرجات الحوار ولابد مما ليس منه بد . والحقيقة أن الرجل محق في تأكيده على حتمية الاتفاق ،اذ لايوجد امامنا فعلا الا ان نتفق ولاخيار متاح غير الاتفاق سوى الاقتتال ،إما ان نتفق أو نقتتل وكلا الامرين يأخذان حكم الحتميات . وبالتأكيد الاتفاق هو المآل الأفضل لنا جميعا الذي لم نجربه حتى اليوم،أما خيار الحرب والاقتتال فقد جربناه ،نعم جرب اليمنيون الاقتتال على مدى خمسين عاماً مضت من تاريخ اليمن السياسي كانت افواه المدافع والبنادق هي التي تتكلم وتفكر وتقرر نيابة عنا. نعم لقد تحاربنا الشمال والجنوب وبينهما خضنا حروبا هامشية بين الجنوب والجنوب وحروب خضناها بين الشمال والشمال ،تقاتلنا قتال العشيرة والعشيرة وتصادمنا تحت يافطات الشعارات السياسية وسحل بعضنا بعضاً في خنادق المذاهب الايدلوجية . وفي كل حرب خاضها اليمنيون هنا وهناك وعلى إمتداد خمسة عقود مضت لم نجن منها سوى الهزيمة النكراء لطرفي الحرب على حد سو اء، فعلا لم نجن من الحروب سوى ويلات الهزيمة لم ننجز بالحروب من بطولات سوى تقطيع اواصر القربى بيننا ولم نعمق سوى الم الجراح ولم تشرعن الحروب سوى للثارات السياسية والعشائرية ،بالحروب دمرنا اقتصادياتنا الشحيحة وبالمواجهات انهكنا بلدنا المثخنة بالجراح وبهذا وذاك مزقنا نسيج هويتنا الانسانية بين الأمم والشعوب . لم يبق لن شيئا مكتسباً لندمره بحرب جديدة ولم يبق صنف من اصناف الويل والثبور لكي نصنعه بمعركة تالية . إذا لم يعد بوسعنا هذه المرة الا ان نعمل عقولنا في التفكير ونحكم ضمائرنا فيما يشجر بيننا وبهما ندخل مؤتمر الحوار الوطني ثم نتفق على نتائج الحوار شريطة ان تكون نتائج عادلة ومنصفة. ولهذا نقولها بصراحة ونظم أصواتنا الى صوت الاستاذ لطفي شطارة فيما رآه عن طبيعة الحوار وتأكيده على حتمية الاتفاق حول نتائجه. نعم ايها اليمنيون جميعا لا بد ان نتحاور بهدوء ولابد ان يتنازل ابناء الشمال لأبناء الجنوب وبعد هذا كله لابد ان نتفق على نتائج الحوار ،آخذين بالاعتبار أن الاتفاق نتاج حتمي مادام والاختلاف سيقود الى تمزقات جديدة وتناحرات جديدة . واذا قال احدهم: لماذا لانختلف بدون حرب سنجيبه على الفو ر إن مقتضيات المرحلة تحتم علينا أن نتفق اولا ،لأننا متعودون ان نقتتل إثر كل اختلاف وطني ونحن في بلد انهكته الصراعات ولم يعد بوسعنا من القدرات الاحتمالية ما يؤهلنا لخوض عربدة جديدة. ليس هذا فحسب بل إنه يتحتم علينا أن نرد الاعتبار لهويتنا الوطنية وانسانيتنا المفقودة ولو باتفاق اجباري ،نريد ان نتعلم فن الاتفاق قبل ان نتعلم فنون الاختلاف لأننا لم نصل بعد الى مرحلة النضوج التي تمكننا من ادارة خلافاتنا . لذلك تعالوا يا كل اليمنيين وهلموا بنا نغلق كل منافذ الاختلاف في هذه المرحلة الحرجة حتى نتجاوزها، تعالوا بنا نجرب كيف يتنازل بعضنا لبعض في سبيل تحقيق السلام الاجتماعي. فالسلام الاجتماعي وحده هو الغاية القصوى لنا وتحقيقه هو التحدي الحقيقي لنا في هذه المرحلة، فهل نحن قادرون على انجازه،واذا نظرنا الى الامور بمنظار انساني لوجدنا ان السلام هو ملاذنا وغايتنا من كل فعل سياسي واجتماعي وهو ماعجزت النخب عن صناعته،فهل نحن جاهزون لمغادرة مشاريع النخب التدميرية. أثلج صدري مقترح لقيادي في الاصلاح من ابناء الشمال سمعته قبل أيام يقول فيه “السلطة والثروة مقابل الوحدة” وهذا المقترح برغم انعدام العدالة فيه الا انه ينم عن استعداد للتنازل ويحرض عليه بغية الانتصار للاخوة واستمرارية الوحدة ينبغي ان يحدث تنازل كبير من قبل اليمنيين في الشمال لإخوانهم في الجنوب ولو لمرحلة محددة نؤسس من خلالها لإعادة انتاج وحدة عادلة جدا وتختلف تماما عن وحدة صالح والبيض مختلة الموازين. صحيح أن أبناء المحافظات الشماليةلم يرتكبو جرماً في حق اخوانهم في الجنوب، لكن الواضح أمامنا أن قيادة الشمال برئاسة صالح وازلام نظامه ارتكبوا جرما كبيرا في قيادة دولة الوحدة خصوصا بعد حرب 94،بل إنهم عمدوا بعد الحرب على توظيف ادوات ادارة دولة الوحدة باسلوب جهوي مقيت يعيد انتاج مرحلة ماقبل الوحدة لصالح ما كان يعرف بنظام صنعاء وفي نهاية المطاف اختزلت الوحدة ضمن إطار ضيق متمحور حول مصالح الرئيس السابق ومعاونيه ،ليس هذا فحسب بل إنهم وظفوا كل جهودهم الرسمية في مهمة القضاء على شروط استمرارية الوحدة اليمنية . ولكن كون اليمنيين في الشمال والجنوب قد انجزوا ثورة وتغيرا مشتركا فالأولى بهم أن يحتكموا للحوار ،فالحوار وحده سيتيح فرصة لجميع الاطراف ان تعيد حساباتها وتخرج بعملها السياسي من تكتيك الهيمنة والنفوذ . نريد أن نخرج من الحوار بمشروع وحدة قائمة على الندية والتوازن ،وحدة قائمة على الشراكة الاجتماعية ،وحدة تقوم على أشكال إدارية متعددة غير متمركزة في طرف او جهة ،نريد وحدة يرضى عنها ابناء الجنوب ويقرونها بمحض ارادتهم ويدافعون عنها قبل اخوانهم في الشمال . وهذا لن يتأتى الا بالحوار والاتفاق الحتمي على رد الاعتبار للجنوب ،وعندما نقول رد الاعتبار للجنوب فإننا نقصد رد الاعتبار للحق الجنوبي وأهله وهم شعب الجنوب وليس لفئة مزايدة أوتيارإنتهازي يمنح نفسه الحق في الوصاية على الجنوب أو إحتكار تمثيله. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=462884053750675&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater