ثانياً: إن الفترة الانتقالية لم تتح الفرصة لتفاقم الخلافات، وتصل بها إلى مرتبة (الإشكالية – القضية)، وحصرت المسألة في حدود التنازع على جوهر وشكل الشراكة بين طرفي السلطة، ملبوسة بثوب الجنوب كموضوع سياسي صرف، ولذلك(اعتكف) علي سالم البيض بعد اكتشافه غدر ومكر التحالف التقليدي المتحكم بتلابيب السلطة في صنعاء، حيث أنجبت هذه الحالة (وثيقة التنسيق والتحالف على طريق التوحيد بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام) والوثيقة واضحة ومصطلحاتها الثلاثة محددة بدقة، ولكنها أثارت النزاعات داخل قيادة الحزب الاشتراكي بشأن ضرورتها وعدم ضرورتها، فتيار قوي في المكتب السياسي رفضها جملة وتفصيلاً؛ لأن هدفها الرئيس القضاء على التعددية الحزبية على طريق ابتلاع الحزب الاشتراكي، وهذا التيار فضل الخروج إلى صفوف المعارضة، وجزء منه كان له رؤية أخرى لتفادي التصغير، خاصة أن مؤشرات الانتخابات أكدت أن الأغلبية النيابية كانت سوف تسير لمصلحة الأغلبية السكانية التي تسيطر عليها سلطة وسلطوية قوى التحالف التقليدي والأموال المكتنزة والمتدفقة من وراء الحدود الجغرافية. ثالثاً: إن وحدة اليمنيين الاندماجية أو الفدرالية أو الكونفدرالية الفخ الذي صنعته قيادة الحزب الاشتراكي، واستغلته قوى التحالف التقليدية، نقلت قيادة الحزب الاشتراكي وبدون احتراس من الأفخاخ، إلى المركز السياسي الديمغرافي والمتربص، مما أدى إلى أن يكون الحزب الاشتراكي جزءاً من السلطة وعنصراً من عناصر العملية السياسية، إضافة إلى كونه حزباً سياسياً صرفاً لمنتسبيه فقط في الجمهورية اليمنية الجديدة، وخلفت الحالة المميزة عن كاهله احتكار الحقيقة وتمثيله للمحافظات الجنوبية جغرافياً متحولاً أو مقتنعاً بكونه أصبح جزءاً وليس كلاً متكاملاً، وبذلك يكون الجنوب قد كف عن تفويض أي من الأحزاب والهيئات والأفراد تمثيله حتى لو كان من قبل الزعم أو الاغتصاب. وفي الاتجاه الموازي لم تحل قيادة الحزب الاشتراكي قبل وأثناء الفترة الانتقالية22مايو 1990م- 27أبريل 1993م القضايا العالقة والمتراكمة منذ نوفمبر 1967م، وفي صدارتها قضية القوى البشرية المدنية والعسكرية والتي ضختها الصراعات السياسية على السلطة في الجنوب منذ نوفمبر 1967م وحتى 1986م إلى صنعاء، وهي كانت قادرة على ذلك إذا هي تروت ولم تتطرف في قضية نقل قضية التوحيد من الإطار التفاوضي السياسي إلى الإطار التنفيذي. ومن أبرز هذه القضايا: أ – عدم إتمام المصالحة الحزبية (داخل الحزب الاشتراكي) بحيث يفتح نقاش حول استرجاع العديد من الأعضاء الذين فقدوا عضويتهم لأسباب الصراعات الحزبية على السلطة والمضايقات والتطفيش والاتهامات الكيدية، وبقت هذه القضية مفتوحة بعد عودة علي صالح عباد مقبل، حسن باعوم، علي عبدالرزاق باذيب، أنيس حسن يحيى، أبوبكر باذيب، وعبدالغني عبدالقادر، أعضاء المكتب السياسي، وعديد من أعضاء اللجنة المركزية، وظل الحزب وقياداته تستدعي عدائيات ماضية وشكلت هذه القضية محوراً مهماً من محاور التمثيل السياسي للمحافظات الجنوبية. ب – عدم إتمام المصالحة داخل اليسار بشكل عام لمواجهة اصطفاف التحالف الثلاثي المتمركز سياسياً وعسكرياً ومليشاوياً في صنعاء، وهو ذو مخالب قوية، وظل الحزب الاشتراكي بجناحه السلطوي هو الذي يقع تحت وابل الرصاص والخصومة. ج – لم تحل قيادة الحزب الاشتراكي مسألة شراكة (حوشي) السياسية وبقي عشرات الآلاف من الكوادر الحزبية ومنتسبي الجبهة الوطنية في الهامش السياسي، بل إن بعضهم أهمل إدارياً ومعيشياً، الأمر الذي أدى إلى اختراق أجهزة أمن سلطة صنعاء وترتيب أوضاعهم وأكدت تجربة مابعد حرب 1994م هذا الحديث. د – عدم إجراء مصالحة شاملة مع أبناء المحافظات الجنوبية الذين تضرروا من الأحداث السياسية ودورات الصراعات الحزبية على السلطة، وأخذوا على أساس انتمائهم إلى المنطقة الخاسرة في الصراع، وهؤلاء تشردوا في المناطق المجاورة، وأصبحوا ضمن أجندة هذه المناطق من الناحية الأمنية والسياسية، ولم تجر مراجعات وتقويمات قبل التوحيد أو أثناء الفترة الانتقالية لاستحقاقاتهم التي انتزعت منهم قسراً. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=466362196736194&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater