الاحتفالية بمرور عام على التسوية السياسية التاريخية في اليمن التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي والأسرة الدولية .. هذه الاحتفالية أشاعت في النفس المزيد من بهجة التفاؤل بإمكانية نجاح اليمنيين في التغلب على أسر تداعيات تلك الأزمة على الرغم من بعض العراقيل التي تكتنف استكمال الترتيبات لانعقاد جلسات مؤتمر الحوار الوطني متمثلاً في تحفظ بعض قوى الحراك الجنوبي الدخول في عملية التسوية السياسية .. وبالتالي فإن مثل هذه التحديات والصعوبات قد تنسف كل الترتيبات والإجراءات التي اُتخذت سابقاً لإنجاز هذه المهمة الوطنية والتاريخية على حد سواء ..ربما كان لأسباب وصول الحوار إلى هذا المنحى قيام الأخ عبدربه منصور هادي ، رئيس الجمهورية بزيارته الأخيرة إلى بعض الدول الخليجية والتقائه قيادات هذه الدول بهدف تدخلها للتأثير على قوى الحراك الجنوبي المشاركة في العملية السياسية ...ولنفس الغاية كذلك قفل المبعوث الأممي جمال بن عمر عائداً إلى صنعاء بعد أن التقى بعض تلك القيادات في القاهرة ووصوله إلى قناعة بأن ثمة تحديات تعترض مسيرة الحوار والتسوية في اليمن وذلك على الرغم من التطمينات التي أطلقها عشية عودته إلى صنعاء قبل عدة أيام ،كما أن زيارة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني إلى صنعاء والتقائه المسئولين هي الأخرى تصب في نفس الغاية والهادفة إلى تحريك المياه الآسنة في اتجاه البحث عن صيغ لمشاركة الحراك الجنوبي في الحوار الوطني .. وهو تحرك مدفوع بإرادة خليجية تصب في هذا الاتجاه . ومن حسن الطالع أن يتزامن مرور عام على بدء التسوية السياسية التاريخية في اليمن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون إلى صنعاء ، فإن ذلك يعزز القناعة بأن ثمة تحركاً إقليمياً ودولياً لتفعيل مسار هذه التسوية التاريخية ، خاصة مع تأكيداته الأخيرة بأن على اليمنيين بذل المزيد من الجهود لتخطي مثل تلك العقبات مثلما استطاعوا – قبل ذلك – بحكمتهم تجاوز تحديات الأزمة التي ظللت سماء الوطن قبل نحو عامين بغيوم الأرق والقلق! إذاً نحن أمام معطيات وتحديات كان من الطبيعي أن تبرز جراء انسداد الأفق السياسي بين أطراف الأزمة منذ فترة طويلة ،وقد حان الوقت لتضافر هذه الجهود بتوفير كافة الضمانات وبذل أقصى العمل لخلق مناخات الثقة بين الأطراف جميعها وتحديداً قوى الحراك الجنوبي منها للدخول في العملية السياسية وبوابتها الحوار الوطني على قاعدة تجنيب اليمن مخاطر الانزلاق إلى المجهول الذي يحرص الرعاة الإقليميون والدوليون تجنيبنا مغبة الوقوع فيه .. وهو ما يتطلب الإسراع في إصدار منظومة التطمينات التي تبنتها اللجنة الفنية للحوار والمعروفة بالنقاط العشرين ، فضلاً عن أهمية وضرورة تنازل بعض أطراف الحراك عن مواقفها المتشددة واشتراطاتها المسبقة إزاء الدخول في هذه العملية السياسية بالنظر إلى مصالح الوطن برؤية مستقبلية تتعدى النظرة الأحادية الضيقة . وإزاء مجمل هذه التطورات والتحديات التي تقف حائلاً دون البدء في مشاركة هذه القوى الدخول في الحوار الوطني حتى الآن ، ليس أمام المواطن البسيط غير التفاؤل بقدرة وحكمة هذه الشخصيات والقيادات السياسية الانضمام إلى مسيرة الحوار مهما كانت غصة ومرارة تجربة العمل السياسي التي اكتنفتها مرحلة ما بعد قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م ، خاصة أن المرحلة الراهنة تشرع الأبواب أمام صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس للعدالة والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات وتحت ظلال القانون .. ولعل ما يبعث على هذا التفاؤل رغم تعقيدات المشهد الراهن هو توافر الإرادة الإقليمية والدولية الداعمة لمسيرة التسوية والاستقرار والتنمية والانتقال باليمن إلى مرحلة جديدة تحافظ على الأمن الداخلي باعتباره لا ينفصل البتة عن استقرار المنطقة والعالم . ويكفي تأكيداً على كل ذلك التطمينات التي تضمنتها كلمات الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك أمين عام مجلس التعاون الخليجي وهما يحتفلان مع الأسرة اليمنية بمرور عام على توقيع المبادرة الخليجية التي ساهمت كثيراً في انتشال الحالة اليمنية من مخاطر الانزلاق إلى المجهول المخيف ووضعت – عوضاً عن ذلك - خارطة طريق تعبد المستقبل بالثقة والتفاؤل والخير .. وهو ما تجلى في هذه الخطوات التي قطعتها القوى السياسية على الساحة الوطنية خلال العام المنصرم من عمر الفترة الانتقالية التي أثبت فيها اليمنيون أنهم أهل حكمة حقاً . رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=466351810070566&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater