أنا واحد من اليمنيين الذين يضعون أكفهم على قلوبهم، متمنين نجاح الفرقاء على الساحة الوطنية في التوصل إلى صيغ توافقية لمشاركة الجميع في معترك الحوار الحضاري الراهن دون استثناء أو إقصاء ودون وضع اشتراطات أو تحديد سقوف، إذ ليس من خيار أمام اليمنيين غير الدخول إلى هذا المعترك الحضاري باعتباره الحل الوحيد الذي يجنبهم مخاطر الانزلاق إلى أتون صراعات مدمرة وهو الطريق الأنسب الذي يدلهم بالتالي على ابتداع الحلول الجذرية لمشاكلهم المستعصية والتي لا تقف عند القضية الجنوبية فحسب ، وإنما تمتد كذلك إلى حل المشاكل العميقة في بنية المجتمع، سواءٌ في شكل ووظيفة النظام والدولة أو في تلك التحديات المتفاقمة المرتبطة بالبطالة والفقر وسوء الإدارة وغيرها من التحديات التي رتبت أعباءً أضافية سلبية على بنية المجتمع واستقراره وتطوره خلال العقود الماضية. صحيح أن ثمة مؤشرات تدعو إلى التفاؤل بقرب انفراج مشاركة الحراك الجنوبي في الحوار وذلك من خلال التصريحات المطمئنة التي أطلقها المبعوث الأممي جمال بن عمر عقب مشاوراته مع جانب من قيادات هذا الحراك في الخارج ، لكن الصحيح أيضا أن ثمة حاجة ماسة - كذلك - إلى بذل المزيد من الجهود لتهيئة الأرضية الملائمة أمام مشاركة فاعلة في معترك الحوار الوطني المرتقب وبالذات لجهة إقناع ما بقى من أطراف الحراك لمشاركة في هذا العملية وعدم الاحتكام إلى خيارات تتناقض مع مبدأ وشفافية الحوار أو التخندق في قوالب ماضوية لا تساهم – بأي حال من الأحوال – في إشاعة روح التفاؤل بمستقبل أفضل لليمن وبما يساعد على صياغة عقد اجتماعي جديد بين اليمنيين على قاعدة من الشراكة الحقيقية في الحقوق والواجبات. إن أهم ما تتطلبه المرحلة المقبلة – استباقاً لانعقاد الحوار – يتمثل في اتخاذ حزمة من القرارات التي ترسخ الثقة بين الأطراف جميعها وتحديداً الحراك الجنوبي .. ومنها تلك المتعلقة بإزالة آثار المظالم التي لحقت بهذه القضية العادلة بامتياز .. وهي المعالجات التي استوعبتها اللجنة الفنية للحوار في طرحها أمام الأخ رئيس الجمهورية والمتمثلة في النقاط العشرين من اجل تهيئة أرضية الحوار الوطني الشامل. وحسب علمي المتواضع فإنه لن يمر وقت طويل حتى تتخذ القيادة السياسية تلك الحزمة من القرارات كونها تمثل احد المداخل الرئيسة لانقشاع الغيمة التي تكاد تحجب فضاء التفاؤل بإمكانية انعقاد هذا الحوار، خاصة بعد أن حمل المبعوث الأممي مؤخراً جملة من الأطروحات التي يمكنها أن تزيل كتلة الجليد التي تعترض مشاركة هذه القوى في مؤتمر الحوار. كما أن اقتراب عودة أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني إلى صنعاء مجدداً يصب في هذا المجرى الهادف إلى استكمال مراحل التسوية السياسية في اليمن وبمشاركة كافة الأطراف المعنية .. وهي - بالتأكيد – إشارات لا تخلو من دلالة عن تضامن المحيط الإقليمي والدولي مع اليمن وبدون تحفظ لانجاز تلك التسوية التي لا تقتصر بتأثيراتها السلبية ا و الايجابية على اليمن فحسب ، بل وستمتد إلى جغرافيا ابعد من حدود هذه المنطقة. وثمة إشارة إضافية في سياق مسار هذه التسوية يمكن رصدها من خلال التصريحات الأمريكية التي تم تداولها مؤخراً والمؤكدة على جدية الموقف الأمريكي تجاه اى طرف يحاول عرقلة مسار التسوية وذلك باتخاذ عقوبات بإيقاف الحسابات المصرفية لأي شخص يتخندق في مواقف مناقضة للتوجهات الدخلية والخارجية الهادفة إلى إنجاز التسوية في اليمن. وبالنظر إلى مجمل تلك المعطيات فإنني أتوقع انفراجاً في تلك الملفات التي تستبق انعقاد مؤتمر الحوار .. وهي مسؤولية متعاظمة تُحتم على مختلف ألوان الطيف السياسي تناسي ذواتهم الأنانية ومصالحهم الشخصية ليثبتوا بذالك أنهم قادة عند مستوى هذه المسؤولية التاريخية والحضارية بامتياز. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=465197800185967&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater