باستثناء أحد الآراء المتشنجة التي تقول بضرورة إقامة سور يفصل بين شطري ما قبل قيام الجمهورية اليمنية 1990م، فإن الانطباعات الأولية عن السجالات التي تدور داخل أروقة مؤتمر الحوار الوطني تؤكد جميعها انفراج الأزمة اليمنية ودأب قوام المؤتمر في البحث عن الآليات المناسبة لمعالجة المشكلات المنتصبة أمام قيام الدولة المتطورة تحت سقف الوحدة.. ولعل من أبرز تلك التجليات التخلص من تعقيدات الدولة المركزية البسيطة التي تتحكم بكل شاردة وواردة إلى أفق الدولة المركبة القائمة على الفيدرالية (ذات إقليمين أو أكثر) باعتبارها الحل الأنجع لحالة الاحتقان القائم على الساحة الوطنية. إن الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل أكثر لا يقتصر فقط على الانطباعات الإيجابية التي توحي بها مداولات مؤتمر الحوار الوطني وبالذات على صعيد إنسيابية الثقة بين أطراف المؤتمر، بل في تلك المعلومات والمؤشرات الإيجابية التي توحي بأن ثمة جهوداً إقليمية لإشراك الشخصيات والقيادات الجنوبية المتواجدة في الخارج للالتحاق بعملية الحوار الوطني، خاصة بعد الإشارات عن انعقاد اجتماع مرتقب يجمع بين المبعوث الأممي جمال بن عمر وتلك القيادات الجنوبية؛ إذ من المتوقع أن تكلل هذه الجهود بالنجاح الكبير، خاصة إذا ما تأكدت صحة المعلومات عن دخول الدبلوماسية الروسية على خط هذا التواصل. في اعتقادي المتواضع فإن حصيلة هذه الجهود سوف تنعكس إيجابياً – بالنتيجة – على سير أداء مؤتمر الحوار الوطني من جهة وتفكيك حدة الاحتقانات القائمة على الساحة الجنوبية تحديداً من جهة أخرى، فضلاً عما تتركه هذه الخطوات على صعيد سد تلك الثغرات في جدار الأمن الداخلي لليمن من أية خروقات إقليمية تحاول العبث بأمن المنطقة من خلال تحويل هذا البلد إلى أرضية رخوة، يسهل معها تنفيذ أجنداتها السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط. أما وقد لاحت تباشير التسوية التاريخية بين اليمنيين ولما يصون تماسك بنيان المجتمع والنأي به عن الصراعات الدموية فإنه من واجب الجميع وعلى وجه الخصوص القيادات والرموز السياسية الجنوبية التي يعول عليها أبناء الوطن جميعاً في أن تتمثل الحكمة وتغلب مصالح الوطن العليا للقفز على تلك الأزمات التي تحاصر الوطن من أجل إقامة الدولة التي تكفل ضمان العدل والحرية والمساواة والديمقراطية، يشارك فيها الجميع دون استثناء ويحظون بنفس الفرص والحقوق تحت ظلال سيادة القانون، فضلاً عن التأسيس لنظام جديد يأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمعات المحلية اقتصادياً واجتماعياً. شخصياً أتمنى أن أرى تلك الإشارات الإيجابية والمتمثلة في انفراج مواقف بعض الأطراف السياسية ينعكس واقعياً على التجربة، خاصة من حيث التحاق القيادات التاريخية في الحراك بمعترك الحوار الوطني.. وهو الأمر الذي سيكون رافداً أساسياً لتقوية شوكة الانتصار لمشروع الدولة اليمنية الحديثة التي تأخذ في الاعتبار مشاركة كل أبناء الوطن وبالذات الشباب الذين خرجوا من أجل التغيير وإنجاز هذا التحول الحضاري، سواء في إسدال الستار على حقبة من الحكم الفردي أو في إطلاق أسس جديدة للدولة تقوم على خدمة الشعب وليس العكس!. رابط المقال على الفيس بوك