جاء البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن مؤخراً بمثابة تأكيد أممي إضافي لدعم مسيرة التسوية السياسية والتلويح باتخاذ إجراءات عقابية رادعه وفقاً للمادة 41 من البند السابع للعقوبات الأممية ضد أية أطراف تحاول عرقلة التسوية، سواءً كانوا في الداخل أو الخارج، فضلاً عن أن هذه التأكيدات الأممية جاءت في توقيتها المناسب بالنظر إلى استعداد اليمنيين الدخول في الحوار الوطني الشامل والذي تحدد موعد انعقاده في 18 مارس المقبل. وليس من باب الصدفة أيضاً أن يتزامن موعدا التئام هذا الحوار مع موعد انعقاد مؤتمر المانحين الثاني في الثامن من نفس الشهر في العاصمة البريطانية لندن وذلك من أجل حشد موارد إضافية لليمن.. وهو توقيت لا يخلو من دلالة بالغة الأهمية تؤكد على أن الدعم الأممي لهذا البلد لا يقتصر فقط على رعاية التسوية السياسية وإنما الوقوف جدياً لدعم جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والتخفيف من الأعباء المتزايدة الناجمة عن هذه الأزمة، إذ إن دعم مسارات التسوية السياسية غير منفصلة البتة عن دعم مسارات التنمية.
وثمة قضايا عديدة ركز عليها البيان الرئاسي الأممي تُدلل - بما لا يدع مجالاً للشك – وقوف العالم بأسره إلى جانب وحدة واستقرار وتطور اليمن ورفض أي تدخل خارجي في شئونه الداخلية سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك في إشارة واضحة إلى التدخل الإيراني الذي بات يثير قلق الداخل اليمني والمحيط العربي والأممي.
وتزداد هذه القناعة رسوخاً مع تواتر معلومات أكيدة عن وصول وفد أممي قريباً مكلف من مجلس الأمن الدولي إلى اليمن للتحقيق في شحنة الأسلحة الإيرانية التي تم ضبطها مؤخراً قبالة الشواطئ اليمنية خاصة بعد أن رفعت بلادنا شكوى بشأن هذا الأمر وهو مايؤكد جدية التوجه الأممي لدعم اليمن تجاه هذا التدخل السافر في شئونه الداخلية، خاصة أن إيران تخضع لعقوبة الحظر الدولي منذ 2006م، حيث سيتم فرض عقوبات إضافية على إيران التي تواصل – للأسف الشديد – انتهاج سياسة عدائية، ليس اتجاه اليمن فحسب، وإنما تجاه عدد من الدول العربية مثل البحرين والعراق وسوريا ولبنان في محاولات دؤوبة لصرف النظر عن التداعيات الداخلية التي يعيشها النظام ومحاولة تصدير أفكاره وأزماته على حد سواء إلى الخارج.
وفي المجمل فإن على الأطراف اليمنية وبخاصة تلك التي تحاول تعطيل مسار التسوية من الخارج.. عليها أن تفهم مدلول هذا الموقف الأممي في كونه تحذيراً جدياً لكل هذه الأطراف من مغبة مواصلة وضع العصي أمام عجلات قطار التسوية والانخراط طواعية – ودون تردد - في المعترك الحضاري للتسوية التي تحظى بمباركة وتأييد أممي غير مسبوق، فضلاً عن أن هذا التحذير يشمل تلك الأطراف الخارجية مؤسسات أو أفراداً أو دولاً من حيث إنها ستخضع هي الأخرى لعقوبات رادعة إذا ما تمادت في تدخلها المحموم لإعاقة الحوار والتسوية بين اليمنيين. وفي هذا الإطار.. حسنٌ أن أوضح المؤتمر الشعبي العام وقياداته التمسك بالتسوية السياسية كخيار لا بديل عنه و صولاً بالوطن إلى آفاق جديدة تصون وحدته الوطنية وتماسك نسيجه الاجتماعي. والقول الصحيح أيضاً إن اليمنيين وحدهم يتحملون مسؤولية هذه المرحلة التاريخية الحساسة.. فهم وحدهم الذين عليهم أن يختاروا ، إما طريق الحوار والتسوية وإنجاز مشروع الدولة اليمنية الحديثة وإما أن يمضوا في تعنتهم، سواءً مدفوعين بنوازع ذاتية أو بدعم خارجي لتعطيل هذه التسوية.. وبالتالي إقحام اليمن في دوامة جديدة من الصراع الذي سيكون كارثياً بامتياز على مستوى المنطقة ككل وليس اليمن فحسب وعندها فقط سنعض أصابع الندم يوم لا ينفع الندم !! رابط المقال على الفيس بوك